فقال ( عليه السلام ) : أمَّا مالك فلا نريده ، وهو موفَّرٌ عليك ، وإنما طلبت ما أخذ منّا لأن فيه مغزل فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، ومقنعتها ، وقلادتها ، وقميصها ، فأمر بردِّ ذلك ، وزاد فيه من عنده مأتي دينار ، فأخذها زين العابدين وفرَّقها في الفقراء والمساكين . وفي رواية : إن يزيد قال لعلي بن الحسين ( عليهما السلام ) : إن شئت أقمت عندنا فبررناك ، وإن شئت رددناك إلى المدينة ، فقال : لا أريد إلاَّ المدينة . ثمَّ إن يزيد لعنه الله أمر بردِّ السبايا والأسارى إلى المدينة ، وأرسل معهم النعمان بن بشير الأنصاري في جماعة ، فلمَّا بلغوا إلى العراق قالوا للدليل : مرَّ بنا على طريق كربلاء ، فلمَّا وصلوا إلى موضع المصرع وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري ، وجماعة من بني هاشم ، ورجالا من آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قد وردوا لزيارة قبر الحسين ( عليه السلام ) ، فتوافوا في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم ، وأقاموا المأتم ، واجتمع إليهم أهل ذلك السواد ، وأقاموا على ذلك أياماً . وعن كتاب بشارة المصطفى وغيره ، بسنده عن عطية العوفي قال : خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري ( رضي الله عنه ) زائراً قبر الحسين ( عليه السلام ) ، فلمَّا وردنا كربلاء دنا جابر من شاطىء الفرات فاغتسل ، ثمّ اتّزر بإزار وارتدى بآخر ، ثمَّ فتح صرَّة فيها سعد فنثرها على بدنه ، ثمَّ لم يخطُ خطوة إلاَّ ذكر الله تعالى ، حتى إذا دنا من القبر قال : ألمسنيه ، فألمسته إيَّاه ، فخرَّ على القبر مغشيّاً عليه ، فرششت عليه شيئاً من الماء ، فلمَّا أفاق قال : يا حسين - ثلاثاً - ثمَّ قال : حبيب لا يجيب حبيبه ، ثمَّ قال : وأنَّى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أثباجك ، وفُرِّق بين بدنك ورأسك ، أشهد أنّك ابن خير النبيين ، وابن سيِّد المؤمنين ، وابن حليف التقوى ، وسليل الهدى ، وخامس أصحاب الكسا ، وابن سيِّد النقبا ، وابن فاطمة سيِّدة النساء ، ومالك لا تكون هكذا وقد غذَّتك كفُّ سيِّد المرسلين ، وربيت في حجر المتقين ،