لوقاك بنفسهِ حدَ السيوف ، وبذلَ حشاشَتُه دونك للحُتوف ، وجاهدَ بين يديك ، ونصَرك على من بغى عليك ، وفداك بروحهِ وجسدهِ ، ومالهِ وولدهِ ، وروحهِ لروحِكَ فداء ، وأهلَه لأهلِك وقاء ، فلإن أخرتني الدهورُ ، وعاقني عن نَصركِ المقدور ، ولم أكن لمن حاربك محارباً ، ولمن نصب لك العداوةَ مناصباً ، فلأندبك صباحاً ومساء ، ولأبكينَ عليك بدلَ الدموعِ دماً ، حسرةً عليك وتأسُفاً على ما دهاك وتلهفاً ، حتى أموت بلوعةِ المصاب ، وغصةِ الإكتياب ( 1 ) . روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، عن الحارث بن كعب ، عن فاطمة بنت علي صلوات الله عليهما : ثمَّ أن يزيد ( لعنه الله ) أمر بنساء الحسين ( عليه السلام ) فحُبسن مع علي بن الحسين ( عليهما السلام ) في محبس لا يكنُّهم من حرّ ولا قرّ ، حتى تقشَّرت وجوههم ، ولم يُرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلاَّ وجد تحته دم عبيط ، وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنها الملاحف المعصفرة ، إلى أن خرج علي بن الحسين ( عليهما السلام ) بالنسوة ، وردَّ رأس الحسين ( عليه السلام ) إلى كربلاء ( 2 ) . وفي كتاب لواعج الأشجان للسيد محسن الأمين عليه الرحمة قال : وكان يزيد وعد علي بن الحسين ( عليهما السلام ) يوم دخولهم عليه أن يقضي له ثلاث حاجات ، فقال له : اذكر حاجاتك الثلاث اللاتي وعدتك بقضائهن ، فقال له : الأولى : أن تريني وجه سيِّدي ومولاي وأبي الحسين ( عليه السلام ) فأتزوَّد منه ، وأنظر إليه وأودّعه ، والثانية : أن تردَّ علينا ما أُخذ منّا ، والثالثة : إن كنت عزمت على قتلي أن توجِّه مع هؤلاء النساء مَنْ يردُّهن إلى حرم جدِّهم ( صلى الله عليه وآله ) . فقال : أمّا وجه أبيك فلن تراه أبداً ، وأمَّا قتلك فقد عفوت عنك ، وأمَّا النساء فما يردُّهن غيرك إلى المدينة ، وأمَّا ما أُخذ منكم فأنا أعوِّضكم عنه أضعاف قيمته .