بنت الحريش : كانت لإحن بدريّة ، وأحقاد جاهليّة ، وضغائن أحديّة ، وثب بها معاوية حين الغفلة ، ليُدرك بها ثارات بني عبد شمس ( 1 ) . قال القاضي النعمان المغربي : وهذه العداوة المحضة الأصيلة ، وطلب القديم من ثأر الجاهليّة ، لم يستطع مروان اللعين أن يخفيه ، وبعثه السرور بقتل الحسين صلوات الله عليه ، على أن أخذه بيده ، وقال ما قاله . وقد كان علي ( عليه السلام ) أسره يوم الجمل ، فمنَّ عليه وأطلقه ، فما راعى ذلك ولا حفظه ، بل قد شاور مروان معاوية اللعين في نبش قبر علي صلوات الله عليه لمَّا غلب على الأمر ، فتمثَّل بقول الأول : < شعر > أَجْنَوا أَخَاهم في الحَفِيرِ وَوَسَّدُوا * أخاهم وألقوا عامراً لم يُوسدِ < / شعر > يُحرِّضه بذلك على نبش قبر علي ( عليه السلام ) ، ويُذكِّره قتلى بدر من بني عبد الشمس ، ومن قتل منهم على الكفر غير موسَّد ولا مدفون . ثمَّ استشار معاوية - في نبش قبر علي ( عليه السلام ) - عبد الله بن عامر بن كريز ، فقال : ما أحبُّ أن تعلم مكان قبره ، ولا أن تسأل عنه ، ولا أحبُّ أن تكون هذه العقوبة بيننا وبين قومنا . فقبل معاوية من عبد الله ما أشار به عليه ، وأعرض عن رأي مروان اللعين فيما أشار به من نبش قبر علي ( عليه السلام ) الذي إستحباه ومنَّ عليه ، وأطلقه من الأسر ، ولكن غلب على اللعين الحقد على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ; لما قتل من أهل بيته على الكفر بالله والشرك به ولعنه إياه ، ولأن علياً ( عليه السلام ) أتى به إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لمَّا أراد نفيه يقوده بإذنه ( 2 ) . وقال محمد بن حميد الرازي : لمَّا جيء برأس الحسين ( عليه السلام ) فوضع بين يدي
1 - بلاغات النساء ، ابن طيفور : 38 ، تاريخ دمشق ، ابن عساكر : 70 / 235 . 2 - شرح الأخبار ، القاضي النعمان المغربي : 3 / 161 - 162 .