ثمَّ أمر المغنّين فغنّوا به ( 1 ) . وهذه كلّها أحقاد بدريّة وحنينيّة ، فاستأصلوا ذرّيّة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، جاء في دعاء الندبة في حقّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ولا تأخذه في الله لومة لائم ، قد وتر فيه صناديد العرب ، وقتل أبطالهم ، وناوش ذؤبانهم ، فأودع قلوبهم أحقاداً بدريّة ، وخيبريّة وحنينيّة وغيرهنَّ ، فأضبَّت على عداوته ، وأكبَّت على منابذته ، حتى قتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، ولمَّا قضى نحبه ، وقتله أشقى الآخرين ، يتبع أشقى الأولين لم يُمتثل أمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في الهادين بعد الهادين ، والأمَّة مصرَّة على مقته ، مجتمعة على قطيعة رحمه ، وإقصاء ولده إلاَّ القليل ممن وفى لرعاية الحقّ فيهم ، فقُتل من قُتل ، وسُبي من سُبي ، وأُقصي من أُقصي . وقد أشار إلى ذلك أيضاً أمير المؤمنين صلوات الله عليه ، في كلامه في أسباب حقد قريش عليه ، فقد روي أنه قال ( عليه السلام ) : اللهمَّ إني أستعديك على قريش ، فإنّهم أضمروا لرسولك ( صلى الله عليه وآله ) ضروباً من الشرِّ والغدر ، فعجزوا عنها ، وحلت بينهم وبينها ، فكانت الوجبة بي ، والدائرة عليَّ ، اللهمَّ احفظ حسناً وحسيناً ، ولا تُمكِّن فجرة قريش منهما ما دمت حيّاً ، فإذا توفَّيتني فأنت الرقيب عليهم ، وأنت على كل شيء شهيد ( 2 ) . وروي أنه قال ( عليه السلام ) أيضاً : كل حقد حقدته قريش على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أظهرته فيَّ ، وستُظهره في ولدي من بعدي ، مالي ولقريش ؟ ! إنما وترتهم بأمر الله وأمر رسوله ( صلى الله عليه وآله ) أفهذا جزاء من أطاع الله ورسوله إن كانوا مسلمين ؟ ( 3 ) . وكذلك حرب صفين هي الأخرى كانت لأحقاد بدريّة ، كما قالت أمّ الخير
1 - مروج الذهب ، المسعودي : 3 / 67 . 2 - شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 20 / 298 ، من حكمه المنسوبة إليه ( عليه السلام ) رقم : 413 . 3 - شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : 2 / 328 ، من حكمه المنسوبة إليه ( عليه السلام ) رقم : 764 .