وأخرج ابن عساكر عن أنس : أن أبا سفيان دخل على عثمان بعدما عُمي ، فقال : هل هنا أحد ، فقالوا : لا ، فقال : اللهم اجعل الأمر أمر جاهليَّة ، والمُلك مُلك غاصبيَّة ، واجعل أوتاد الأرض لبني أميَّة ، فقال له علي ( عليه السلام ) : ما زلت عدوّاً للإسلام وأهله ( 1 ) . ومن طريق ابن المبارك ، عن الحسن : إن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال : صارت إليك بعد تيم وعديٍّ ، فأدرها كالكرة ، واجعل أوتادها بني أمية ، فإنما هو المُلك ، ولا أدري ما جنَّة ولا نار ، فصاح به عثمان : قم عني ، فعل الله بك وفعل ( 2 ) . وفي رواية المسعودي قال أبو سفيان : يا بني أمية ! تلقَّفوها تلقُّف الكرة ، فوالذي يحلف به أبو سفيان ، ما زلت أرجوها لكم ، ولتصيرن إلى صبيانكم وراثة ( 3 ) . وقال الطبري في تأريخه : ومنه ما يرويه الرواة من قوله : يا بني عبد مناف ! تلقَّفوها تلقُّف الكرة ، فما هناك جنة ولا نار ، وهذا كفر صراح ، يلحقه به اللعنة من الله ، كما لحقت الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ( 4 ) . قال ابن أبي الحديد : ومنه ما يروى من وقوفه على ثنيَّة أحد من بعد ذهاب بصره ، وقوله لقائده : هاهنا رمينا محمَّداً وقتلنا أصحابه . و من ذلك أيضاً قوله للعباس بن عبد المطلب قبل الفتح - وقد عُرِضت عليه الجنود - : لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً ، فقال له العباس : ويحك ! إنه ليس
1 - تاريخ دمشق ، ابن عساكر : 6 / 407 و 409 ، الأغاني ، الإصفهاني : 6 / 355 . 2 - الاستيعاب ، ابن عبد البر : 2 / 690 . 3 - مروج الذهب ، المسعودي : 1 / 440 . 4 - تاريخ الطبري : 8 / 185 .