أيام ، فبقيت في المدينة ثم تبعته إلى أن صار عزمه بالتوجّه إلى العراق ، فقلت في نفسي : أمضي وأنظر إلى ملك الحجاز كيف يركب ، وكيف جلالته وشأنه ، فأتيت إلى باب داره فرأيت الخيل مسرجة ، والرجال واقفين ، والحسين ( عليه السلام ) جالس على كرسي ، وبنو هاشم حافّون به ، وهو بينهم كأنه البدر ليلة تمامه وكماله . ورأيت نحواً من أربعين محملا وقد زيِّنت المحامل بملابس الحرير والديباج ، قال : فعند ذلك أمر الحسين ( عليه السلام ) بني هاشم بأن يُركِّبوا محارمهن على المحامل ، فبينما أنا أنظر وإذا بشاب قد خرج من دار الحسين ( عليه السلام ) وهو طويل القامة ، وعلى خدّه علامة ، ووجهه كالقمر الطالع وهو يقول : تنحّوا يا بني هاشم ، وإذا بامرأتين قد خرجتا من الدار وهما تجران أذيالهما على الأرض حياء من الناس ، وقد حفَّت بهما إماؤهما ، فتقدَّم ذلك الشاب إلى محمل من المحامل وجثا على ركبتيه ، وأخذ بعضديهما وأركبهما المحمل ، فسألت بعض الناس عنهما فقيل : أما إحداهما فزينب ، والأخرى أم كلثوم بنتا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقلت : ومن هذا الشاب ؟ فقيل لي : هو قمر بني هاشم العباس ابن أمير المؤمنين ، ثم رأيت بنتين صغيرتين كأن الله تعالى لم يخلق مثلهما ، فجعل واحدة مع زينب والأخرى مع أم كلثوم ، فسألت عنهما فقيل لي : هما سكينة وفاطمة بنتا الحسين ( عليه السلام ) ، ثم خرج غلام آخر كأنه البدر الطالع ومعه امرأة ، وقد حفَّت بها إماؤها ، فأركبها ذلك الغلام المحمل ، فسألت عنها وعن الغلام فقيل لي : أمَّا الغلام فهو علي الأكبر بن الحسين ( عليه السلام ) ، والامرأة أمه ليلى زوجة الحسين ( عليه السلام ) ، ثم خرج غلام ووجهه كفلقة القمر ، ومعه امرأة ، فسألت عنها فقيل لي : أمَّا الغلام فهو القاسم بن الحسن المجتبى ( عليه السلام ) والامرأة أمه . ثم خرج شاب آخر وهو يقول : تنحّوا عني يا بني هاشم ، تنحّوا عن حرم أبي عبد الله ، فتنحَّى عنه بنو هاشم ، وإذا قد خرجت امرأة من الدار وعليها آثار الملوك ، وهي تمشي على سكينة ووقار ، وقد حفَّت بها إماؤها ، فسألت عنها فقيل