فجعلها في قارورة وأعطاها إياها وقال : اجعليها مع قارورة جدّي ، فإذا فاضتا دماً فاعلمي أني قد قتلت . ثم قال الشيخ المفيد عليه الرحمة : فسار الحسين ( عليه السلام ) إلى مكة وهو يقرأ : * ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) * ( 1 ) ولزم الطريق الأعظم ، فقال له أهل بيته : لو تنكَّبت عن الطريق كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك الطلب ، فقال : لا والله لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض ( 2 ) . وروي عن سكينة بنت الحسين ( عليه السلام ) قالت : خرجنا من المدينة في ليلة مظلمة ، ذات رعد وبرق ، حتى خلنا أنَّ السماء أُطبقت على الأرض ( 3 ) . وفي رواية عن المنتخب قالت ( عليها السلام ) لما خرجنا من المدينة ما كان أحد أشدّ خوفاً منا أهل البيت ( 4 ) . وفي رواية أخرى قالت سكينة ( عليها السلام ) : حين خرجنا من المدينة وما أهل بيت أشد غماً ولا خوفاً من أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) . سبحان الله خرجن بنات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من المدينة خائفات ومعهن حماتهن ورجالهن ، ليت شعري فما حالهن يوم سيروهن من كربلاء إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى الشام ، وليس معهن من رجالهن ولي ، ولا من حُماتهن حمي ، وكأني بزينب الكبرى ( عليها السلام ) تنادي بلسان الحال : < شعر > لا والدٌ لي ولا عمٌ ألوذ به * ولا أخٌ لي بقي أرجوه ذو رحمِ أخي ذبيح ورحلي قد اُبيح وبي * ضاق الفسيح وأطفالي بغير حمي ( 5 ) < / شعر > وروى عبد الله بن سنان الكوفي ، عن أبيه ، عن جده أنه قال في كيفية خروج الإمام الحسين ( عليه السلام ) من المدينة قال : خرجت بكتاب من أهل الكوفة إلى الحسين ( عليه السلام ) وهو يومئذ بالمدينة ، فأتيته فقرأه فعرف معناه فقال : أنظرني إلى ثلاثة
1 - سورة القصص ، الآية : 21 . 2 - بحار الأنوار ، المجلسي : 44 / 331 - 332 . 3 - سعادة الدارين فيما يتعلق بالإمام الحسين ( عليه السلام ) ، الشيخ حسين القديحي : 93 . 4 - المنتخب ، الطريحي : 411 . 5 - معالي السبطين ، الحائري : 1 / 227 - 228 .