أهوى إلى المحمل الذي فيه عبد الله بن الحسن يريد كلامه ، فمنع أشدَّ المنع وأهوى إليه الحرسيُّ فدفعه ، وقال : تنحَّ عن هذا ، فإن الله سيكفيك ويكفي غيرك ، ثمَّ دخل بهم الزقاق ، ورجع أبو عبد الله إلى منزله ، فلم يبلغ بهم البقيع حتى ابتُلي الحرسي بلاء شديداً ، رمحت ناقته فدقَّت وركه فمات ( 1 ) . وروى الطبري في تأريخه ، قال : وذكر أبو يعقوب بن سليمان ، قال : حدَّثتني جمرة العطارة عطارة أبي جعفر ، قالت : لما عزم المنصور على الحجّ دعا ريطة بنت أبي العباس امرأة المهدي ، وكان المهدي بالريّ قبل شخوص أبي جعفر ، فأوصاها بما أراد ، وعهد إليها ، ودفع إليها مفاتيح الخزائن ، وتقدَّم إليها ، وأحلفها ووكَّد الأيمان ، لا تفتح بعض تلك الخزائن وتُطْلِع عليها أحداً إلاَّ المهدي ، ولا هي إلاَّ أن يصحَّ عندها موته ، فإذا صحَّ ذلك اجتمعت هي والمهدي وليس معهما ثالث ، حتى يفتحا الخزانة ، فلمَّا قدم المهدي من الريِّ إلى مدينة السلام دفعت إليه المفاتيح ، وأخبرته عن المنصور أنه تقدَّم إليها فيه ألا يفتحه ، ولا يطلع عليه أحداً حتى يصحَّ عندها موته ، فلمَّا انتهى إلى المهدي موت المنصور وولي الخلافة فتح الباب ومعه ريطة ، فإذا أزجّ كبير فيه جماعة من قتلاء الطالبيين ، وفي آذانهم رقاع فيها أنسابهم ، وإذا فيهم أطفال ، ورجال شباب ، ومشايخ عدّة كثيرة ، فلمَّا رأى ذلك المهدي ارتاع لما رأى ، وأمر فحُفرت لهم حفيرة ، فدفنوا فيها ، وعُمل عليهم دكّان ( 2 ) . وروى الشيخ الصدوق عليه الرحمة ، عن عبيد الله البزاز النيسابوري - وكان مُسناً - قال : كان بيني وبين حميد بن قحطبة الطائي الطوسي معاملة ، فرحلت إليه في بعض الأيام ، فبلغه خبر قدومي ، فاستحضرني للوقت وعليَّ ثياب السفر لم