أغيِّرها ، وذلك في شهر رمضان وقت صلاة الظهر ، فلمَّا دخلت إليه رأيته في بيت يجري فيه الماء ، فسلَّمت عليه وجلست ، فأُتي بطست وإبريق فغسل يديه ، ثمَّ أمرني فغسلت يدي ، وأُحضرت المائدة ، وذهب عنّي أني صائم ، وأني في شهر رمضان ، ثمَّ ذكرت فأمسكت يدي ، فقال لي حميد : مالك لا تأكل ؟ فقلت : أيُّها الأمير ! هذا شهر رمضان ، ولست بمريض ، ولا بي علّة توجب الإفطار ، ولعل الأمير له عذر في ذلك ، أو علّة توجب الإفطار ، فقال : ما بي علّة توجب الإفطار ، وإني لصحيح البدن . ثمَّ دمعت عيناه وبكى ، فقلت له بعد ما فرغ من طعامه : ما يُبكيك أيها الأمير ؟ فقال : أنفذ إليَّ هارون الرشيد وقت كونه بطوس في بعض الليل أن أجب ، فلمَّا دخلت عليه رأيت بين يديه شمعة تتّقد ، وسيفاً أخضر مسلولا ، وبين يديه خادم واقف ، فلمَّا قمت بين يديه رفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال ، فأطرق ، ثمَّ أذن لي في الانصراف ، فلم ألبث في منزلي حتى عاد الرسول إليَّ وقال : أجب أمير المؤمنين ، فقلت في نفسي : إنّا لله ، أخاف أن يكون قد عزم على قتلي ، وأنه لمَّا رآني استحيى مني ، فعدت إلى بين يديه ، فرفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد ، فتبسَّم ضاحكاً ، ثمَّ أذن لي في الانصراف ، فلمَّا دخلت منزلي لم ألبث أن عاد الرسول إليَّ فقال : أجب أمير المؤمنين ، فحضرت بين يديه وهو على حاله ، فرفع رأسه إليَّ فقال : كيف طاعتك لأمير المؤمنين ؟ فقلت : بالنفس والمال والأهل والولد والدين ، فضحك ، ثمَّ قال لي : خذ هذا السيف وامتثل ما يأمرك به هذا الخادم . قال : فتناول الخادم السيف وناولنيه ، وجاء بي إلى بيت بابه مغلق ، ففتحه فإذا فيه بئر في وسطه ، وثلاث بيوت أبوابها مغلقة ، ففتح باب بيت منها فإذا فيه