قال ابن الجوزي في كتاب المنتظم : وورد في هذه السنة من واسط خبر عجيب ، جاء به كتاب ابن وهبان الواسطي ، يذكر قصة عجيبة وهي : أن امرأة عندهم في نهر الفصيلي أصابها الجذام حتى أسقط أنفها وشفتيها وأصابع يديها ورجليها ، وجافت ريحها ، وتأذَّى أهلها بها ، فأخرجها زوجها وولدها إلى ظاهر المحلة على شوط منها ، وعملوا لها كوخا ، فكانت فيه ، ولا يمكن الاجتياز بها من نتن ريحها ، وإنما كان ولدها يأتيها برغيفين يرميهما إليها ، فجاء يوماً فقالت له : يا بنيَّ ، بالله قف حتى أبصرك ، وجئني بجرعة ماء أشربها ، فلم يفعل وهرب . وكان قريباً من الموضع جوية ماء الكتان فحملها العطش على قصدها ، فتحاملت فوقعت عندها فأغمي عليها ، فذكرت بعد إفاقتها أنها رأت رجلين وامرأتين جلوساً عندها ، فأخرجوا لها قرصين عليهما ورقة خضراء ، وجاءوها بكراز فيه ماء ، وقالوا لها : كلي من هذا الخبز واشربي من هذا الماء ، قال : فكلَّما أكلت عاد القرص كما كان إلى أن شبعت ، وشربت من الكراز ماء لم أشرب قط ألذ منه ، فقلت : يا سادتي ، من أنتم ؟ فقال أحدهم : أنا الحسن وهذا الحسين وهذه خديجة الكبرى وهذه فاطمة الزهراء ، ثم أمرّ الحسن يده على صدري ووجهي والحسين يده على ظهري ، فعادت شفتاي وأنفي ونبتت أصابعي ، وأقاموني فسقط مني نحو ثلثين كهيئة صدف السمك ، فأقبل الناس من البلاد لمشاهدتها والتبرك بها ( 1 ) . ومن كرامات الحسين ( عليه السلام ) ما رواه ابن عساكر بإسناده عن عبد الله بن جعفر ، عن أبي عون ، قال : لما خرج الحسين بن علي ( عليهما السلام ) من المدينة يريد مكة مرَّ بابن مطيع وهو يحفر بئره ، فقال له : أين فداك أبي وأمي ؟ قال : أردت مكة ، قال :
1 - المنتظم في تاريخ الملوك والأمم ، ابن الجوزي : 9 / 568 - 569 .