وذكر له أنه كتب إليه شيعته بها ، فقال له ابن مطيع : أين فداك أبي وأمي ؟ متّعنا بنفسك ولا تسر إليهم ، فأبى حسين ( عليه السلام ) ، فقال له ابن مطيع : إن بئري هذه قد رشحتها ، وهذا اليوم أو ان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء ، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة ، قال : هات من مائها ، فأتى من مائها في الدلو ، فشرب منه ثم تمضمض ثم ردَّه في البئر ، فأعذب وأمهى ، ثم ودّعه وسار إلى مكة ( 1 ) . نعم سار إلى مكّة ولكن بأية حال سار ( عليه السلام ) ، يُروى عن سكينة أنها قالت - كما روي عنها - : خرجنا من المدينة في ليلة مظلمة ، ذات رعد وبرق ، حتى خلنا أنَّ السماء اُطبقت على الأرض ( 2 ) . نعم خرج الحسين ( عليه السلام ) من المدينة إلى مكة ، ولكن ترك ا لدار موحشة بعدما كانت مزهرة بنور وجهه المضي ، ولله درّ الحجة الشيخ علي الجشي عليه الرحمة إذ يقول : < شعر > هذي ربوعُ محمَّد عَرَصَاتُها * قد أقفرت واستوحشت أعلامُها خرج الحسينُ خروجَ موسى خائفاً * مترقِّباً ما أضمرته لِئَامُها فتعاهدت في حِفْظِ ذِمَّةِ أحمد * ساداتُ أنصارِ الإلهِ كرامُها حتى إذا ضربوا القبابَ وطُرِّزت * بالسُّمْرِ والبيضِ الرِّقَاقِ خيامُها قامت تحوطُ المحصناتِ كأنَّها * أُسْدٌ وهاتيك القبابُ أُجَامُها فأتت جُيُوشُ أميَّةِ ترجو بأَنْ * يُعْطِي المذلَّةَ والقِيَادَ همامُها فأبى أبيُّ الضيمِ إِلاَّ أَنْ تُرَى * شَعْوَاءُ يَلْحَقُ بالنجومِ قَتَامُها فهناك بان من الكِرَامِ حِفَاظُها * وَلَظَى الحروبِ قد استطار ضَرَامُها قومٌ إذا عَبَسَ المنونُ تهلَّلَتْ * تلك الْوُجُوهُ ولم تَطِشْ أحلامُها < / شعر >
1 - تاريخ دمشق ، ابن عساكر : 14 / 182 ، الطبقات الكبرى ، ابن سعد : 5 / 144 - 145 . 2 - سعادة الدارين فيما يتعلَّق بالإمام الحسين ( عليه السلام ) ، الشيخ حسين البلادي القديحي : 93 .