نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 389
من هنا لا يتسنى للأشخاص الذين يتبعون أهواءهم وميولهم الفئوية أن يختاروا الأصلح ، لأنهم سيصوتون لمصلحة من يلبي حاجاتهم ، لا حاجات المجتمع . في حين أن القائد الأكفأ هو الذي يقود المجتمع باتجاه تلبية حاجاته الواقعية ، ويحترم رغبات الناس ما لم تتعارض مع حاجاتهم . في ضوء ذلك ، ما دام الناس لا يمتلكون الوعي الفكري والأخلاقي المناسب لاختيار القائد الأفضل والنظام القيادي الأحسن فإن الديمقراطية لن تحل مشكلات المجتمع ، بل تزيدها تعقيدا ، وكما قال البروفسور شاندل : " أكبر عدو للحرية والديمقراطية بنوعهما الغربي هو الديمقراطية والليبرالية والحرية الفردية نفسها " [1] . ونلحظ في عالم اليوم أن الديمقراطية تطرح كنظام ضعيف ، بل خطر ومضاد للثورية . ومن هذا المنطلق ، لا تربط المدارس العقيدية مصير الثورة بعد انتصارها التمهيدي بالديمقراطية في بادئ الأمر ، بل تعتقد أن المجتمع ما لم يتهيأ لاختيار قائد عقائدي عن طريق الشورى والرجوع إلى التصويت العام فلابد له أن يواصل حياته الثورية بتوجيه من قيادة عقائدية . إذا ألقينا نظرة خاطفة على تاريخ صدر الإسلام ولاحظنا مستوى العلم والوعي والأخلاق الذي كان عليه المجتمع الإسلامي يومئذ أدركنا بيسر أن ورثة الثورة بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) لم يكونوا يمتلكون الاستعداد الكافي لاختيار القائد الأفضل . والحوادث التي وقعت خلال ربع قرن بعد وفاة النبي ( صلى الله عليه وآله ) دليل آخر على ما نقول . ولو كان المجتمع الإسلامي آنذاك مستعدا لاختيار القائد الأفضل لما صارت الخلافة الإسلامية ملكا وراثيا خلال أقل من خمسين سنة ، ولما حكم أعداء الإسلام المسلمين هذا اليوم باسم الإسلام . من هنا كان متعذرا على النبي ( صلى الله عليه وآله ) المتصل بالوحي أن يترك قيادة الأمة لنظام