نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 321
تصل إليكم شكاوى كثيرة في هذا المجال . فتفضل ( رحمه الله ) علي كثيرا إذ أجابني بجواب لا ضرورة لذكره هنا . أجل ، إن المدير الكفوء - من منظار الإسلام - هو الذي ينأى عن الاستبداد ، ويحترم آراء الآخرين ، ويشاور اولي الرأي الحصيف ، ولكنه في الوقت نفسه يحافظ على استقلاله عند اتخاذ القرار المناسب . أي : إذا رأى أن ما قاله المشاور صحيح عمل به ، وإلا عمل برأيه في كل ما يعتقده صحيحا . وهذا الدرس الإداري النفيس علمناه نهج البلاغة : كان عبد الله بن عباس من صحابة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) العلماء وذوي الرأي الحصيف ، وكان - ككثير من أمثاله - يتوقع من الإمام أن يعمل حسب رأيه . وقد أبدى رأيا في موضوع يظنه في مصلحة الإمام - لم يرد شرحه في نهج البلاغة - فلم يوافقه الإمام على رأيه ، فأصر ابن عباس ، فقال له الإمام ( عليه السلام ) : " لك أن تشير علي ، وأرى ، فإن عصيتك فأطعني " [1] . النقطة المهمة الواردة في ذيل كلام الإمام ( عليه السلام ) هي أن المشاور لا يحق له أن يفرض رأيه على القائد ، بل إذا اتخذ القائد القرار المناسب وأعلن عن رأيه فعليه وعلى نظرائه الذين يفكرون مثله أن يعملوا بما يرتئيه القائد ، شأنهم في ذلك شأن سائر الناس . من هنا ، لا تكون الولاية المطلقة للفقيه في النظام الإسلامي بمعنى الاستبداد ، بل تعني " الاستقلال في الرأي " ، بالمفهوم الذي مر شرحه . بعبارة أوضح : الفقيه الجامع لشروط القيادة في النظام الإسلامي هو المسؤول الأصلي للنظام ، وهو المسؤول أمام الخلق اليوم والمسؤول أمام خالقهم غدا . وهو الذي يتولى صيانة مكاسب الثورة ، وتنمية القيم الإسلامية وتنضيجها . والسلطات