نام کتاب : القيادة في الإسلام نویسنده : محمد الريشهري جلد : 1 صفحه : 219
الموت ، هيهات بعد اللتيا والتي ، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امه ، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوي البعيدة " [1] . لقد صور الإمام ( عليه السلام ) في هذا الكلام الجو السياسي والاجتماعي للمجتمع الإسلامي بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبان عن الصعوبة البالغة في صنع القرار المناسب من قبل القائد الواقعي في وسط يتعذر فيه الكلام والصمت . وفي مثل ذلك الوضع لو انتقد الإمام ( عليه السلام ) حكام عصره وأعرب عن قلقه للقرار المتخذ في السقيفة فهذا لا يعني أنه كان طالب رئاسة . ولو آثر الصمت على النهوض والإطاحة بالحكم القائم فهذا لا يعني أنه يخشى الموت والقتل ، وأنه لم يعمل بواجبه خوفا على نفسه . إن ماضي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يدحض هذه التهم . وسبب صمته هو أن زمانه لم يساعد على الثورة . وكل تحرك متطرف غير مدروس في ظروف لا يدعم الناس فيها الثورة يشتت المجتمع الإسلامي الفتي ويفضي إلى تسلط أعداء الإسلام . وينبغي أن تتنامى الثورة بالدعم الشعبي العام وحلول الوقت المناسب ، عندئذ سيستبين للجميع أكثر من أي وقت مضى أن عليا ( عليه السلام ) لم يفكر إلا بمصلحة الإسلام والمسلمين ، وأنه لو رأى الثورة واجبا عليه فلا حاجة به إلى عرض أبي سفيان الماكر . وقد كشف مستقبل التاريخ الإسلامي للجميع صحة هذه المزاعم بوضوح . عندما تقلد الإمام ( عليه السلام ) الأمر ببيعة الناس إياه ودعمهم له بعد خمس وعشرين سنة أمضاها صامتا صابرا ، قال - بعد واقعة النهروان - في خصائصه حين قام بالأمر : " فقمت بالأمر حين فشلوا ، وتطلعت حين تقبعوا ، ونطقت حين تعتعوا ، ومضيت بنور الله حين وقفوا ، وكنت أخفضهم صوتا ، وأعلاهم فوتا ، فطرت