نام کتاب : القرآن والعقيدة نویسنده : السيد مسلم الحلي جلد : 1 صفحه : 282
إن هذه الآية الكريمة دلت على وجوب التفقه في الدين ، ودليل الوجوب فيها هو وجود ( لولا ) التحضيضية والتحضيض حث على الطلب ، إذ هو الطلب الحثيث وليس معنى كونه طلبا حثيثا إلا عدم الرضا بتركه ، وليس معنى ذلك إلا الوجوب . إذن فالآية تدل على وجوب التفقه ، وليس التفقه في معناه إلا صيرورة المرء فقيها ، ولا يصير المرء فقيها بحق يحق له إطلاق اسم الفقيه إلا حيث يكون من الإحاطة بمسائل الفقه ووسائله بمكان وإلا حيث يكون بملكة يستطيع معها أن يرجع الفرع إلى أصله ، وأن يسلك إليه مسالكه عن طريق مداركه الخاصة ، ويكون بذلك من المستنبطين الذين أمر الناس بالرجوع إليهم في الآية والرواية ، وذلك هو الاجتهاد ، فقد دلت الآية - عن طريق هذا التوجيه - على طلب الاجتهاد في الأحكام والفروع . ولنا أن نقرر الآية بوجه آخر وعبارة ثانية ، هو أن نقول : إن قوله تعالى : * ( ولينذروا قومهم ) * إلى آخر الآية إن دل على شئ فإنما يدل على وجوب قبول المنذرين ، لإنذار المنذرين ، وإلا لغي وجوب الانذار إن لم يجب القبول ، وهذا بمعناه إرجاع الناس إلى الفقهاء لأخذ معالم الدين وفروع الأحكام ، ولا معنى لإرجاع العامي من الناس إلى عامي مثله يشاركه في قلة الاطلاع وقصور الباع ، وما يشاكل ذلك من جهالة ، فليس الارجاع إلا للمطلع المتتبع ، وهذا عبارة ثانية عن إرجاع المقلدين إلى المجتهدين . فمن هنا وهناك تجلى لنا على ضوء هذه الآية الكريمة دلالة على كلا الطريقين من الاجتهاد والتقليد ، فهاهنا مراحل : المرحلة الأولى : في تعريف الاجتهاد وما هو في معناه أو حقيقته . لا شك أن لهذا اللفظ أصلا في اللغة ، ومعنى اصطلاحيا لعرف الأصوليين خاصة تحمل المشقة بالنظر إلى ما في اللفظ من تاء الافتعال الدالة على التكلف في معنى كل لفظ حلت فيه هذه التاء ، وعرف في اصطلاح الأصوليين - حسبما نقل عن
282
نام کتاب : القرآن والعقيدة نویسنده : السيد مسلم الحلي جلد : 1 صفحه : 282