وكانت لي به علاقة وثيقة ، وكنت أجل قدره وأرى نفسي بمثابة التلميذ له ، إلا أنه كان يحسن بي الظن ويرفع شأني لأدبه النفسي وعطفه الأبوي ، ويخجلني بالإطراء في رسائله وما كتبه عن بعض منشوراتي ، وأعتبر ذلك تشجيعا . وبعد وفاته كتب لي ولده الأستاذ الشاعر أحمد سليمان ظاهر أنه كان يعرف منزلتي في نفس والده الجليل من أحاديثه ، وأنه يعتبر صلتي من أثمن ما ورثه من أبيه . وفاؤه وتكريمه لعلاقاته : عرف المترجم له بين قومه في بلاده بصدق الإخاء والإخلاص للمعارف والإخوان ، وكان وفيا لأصدقائه وأصحابه ، ومخلصا في مودته ، نبيلا في علاقاته ، يحرص على تكريم محبيه والمتصلين به ، وخدمة إخوانه ودفع الأذى عنهم ما وسعه . . . وكان لا يدخر وسعا في إسداء أي خدمة لمن يستعين به ويلجأ إليه من قريب أو بعيد ، كما أنه لم يكن ليعرف الاعتذار عن أي رجاء أو تكليف . . . . وله مواقف مشهودة تبرهن على التزامه ، وشرف نفسه ، وتكريم علاقاته ، لا سيما بالروحانيين وأعلام الفضل والأدب ، ومعظم معارفه من ذلك النوع ، وقد جربت ذلك بنفسي في حادثة معينة أرى من الواجب ذكرها خدمة للتاريخ وإن كان نبله في غنى عن الذكر والإشادة . عندما قال الجنرال فضل الله الزاهدي عام 1373 ه = 1953 م بالانقلاب على حكومة الدكتور محمد مصدق الوطنية في إيران وقوض أركانها ، ورجع الاستعمار إلى قواعده والشاه إلى عرشه ، جرت تصفية جسدية مهولة في القوات العسكرية ، كما جرت في فئات الشعب الأخرى ، فقد قتل من الضباط الكبار والصغار أكثر من سبعمئة ، وكان الطيب البيطري الدكتور محمد رضا المنزوي ، النجل الثالث لشيخنا الإمام الشيخ آغا بزرك الطهراني ، من الضباط الأربعة الذين تمكنوا من الفرار إلى لبنان في طريقهم إلى أوروبا ، وقد واصل ثلاثة منهم سفرهم ، وألقي القبض على المنزوي في مطار بيروت الدولي وهو يهم بركوب الطائرة ، وأعيد مخفورا إلى طهران ، فدفعني العطف على شيخوخة