الأول يقرب من القسم الثاني إلى أن قال : والقول الرابع وهو قول عمرو بن عبيد أن السكينة التي كانت في التابوت شئ لا يعلم ، ثم عقب الأقوال بقوله : واعلم أن السكينة عبارة عن الثبات والأمن ، وهو كقوله في قصة الغار ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) فكذا قوله تعالى : ( فيه سكينة من ربكم ) معناه الأمن والسكون " [1] . وقال القاضي البيضاوي : " ( فيه سكينة ) الضمير للاتيان ، أي في إتيانه سكون لكم وطمأنينة أو للتابوت ، أي مودع فيه ما تسكنون إليه وهو الثورة ، وكان موسى ( عليه السلام ) إذا قاتل قدمه فتسكن نفوس بني إسرائيل ولا يفرون ، ونسب إلى القيل ما نقله صاحب التوضيح عن الشربيني واتخذ منه مغمزا على المفسرين كلهم ، إلى أن قال : وقيل التابوت هو القلب والسكينة ما فيه من العلم والاخلاص وإتيانه مصير قلبه مقرا للعلم والوقار بعد أن لم يكن [2] ، فأنت ترى أن البيضاوي استظهر القول الأول وهو ما استظهره الطبرسي والزمخشري والرازي ، والقول الأخير من أن المراد بالسكينة القلب هو مما لا يدل عليه منطوق الآية ولا يفهم منها تضمنا وإلزاما ، وهو صرف للفظ عن ظاهره بلا قرينة ، وهو أشبه بتمحلات الباطنية وينطبق على أذواق القاديانية في النضير . 2 - والجواب عن السؤال الثاني المنقول عن الشربيني أيضا في تفسير قوله تعالى : ( جعله دكاء ) [ الكهف / 98 ] ففي الكشاف . دكا أي مدكوكا مبسوطا سوى الأرض ، وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك ، ومنه الجمل الادك المنبسط السنام ، وقرئ دكاء أي أرض مستوية " [3] ، ومثل ذلك جاء في تفسير البيضاوي والطبرسي والرازي ، هؤلاء أربعة من أئمة التفسير وفسروا الدك بما ترى ولم يعرضوا إلى ما نقله الخطيب الشربيني في معناه الذي اتخذه صاحب التوضيح ذريعة للنحت من ثلة علماء التفسير .
[1] مفاتيح الغيب ، الإمام فخر الدين الرازي ، دار إحياء التراث العربي ، ج 2 ، ص 508 . [2] تفسير البيضاوي ، القاضي ناصر الدين محمد البيضاوي ، ج 1 ، ص 211 . [3] الكشاف ، م . س ، ج ص 748 .