الأولى ، بعد ما انقرض جلها ووقى المسلمون شرها ، وحسبك أن تنظر إلى ما فسروا به بعض الآيات في مقال الأستاذ التقي ، وفيه ترى العجب العجاب وما لا يخرج عن طريقة الكرماني التي انتهجها في تفسيره ، كما تراه في المنقول عن كشف الظنون . وبعد فإنا نرى في هذه الإلمامة ما يغنينا عن الإسهاب في هذا الباب ، ولنرجع إلى جواب أسئلة صاحب التوضيح عن تفسير الآيات الإحدى عشرة التي تحدي بها مخالفيه من المسلمين . 1 - أما الجواب عن السؤال الأول ( فيه سكينة من ربكم ) [ البقرة / 248 ] فالذي استظهره المفسر الجليل الطبرسي في تفسيره مجمع البيان بعد نقل الأقوال التي فسرت بها ، أن السكينة أمنة وطمأنينة جعلها الله ليسكن إليها بنو إسرائيل ، والبقية جائز أن تكون بقيته من العلم أو شئ من علامات الأنبياء ، وجائز أن يتضمنها جميعا على ما قاله الزجاج . وقال الزمخشري في كشافه : والسكينة السكون والطمأنينة [1] ، ونسب ما قيل في تفسيرها مما نقله صاحب التوضيح عن الخطيب الشربيني إلى القيل ، وكذلك الطبرسي وهو يشعر بضعفه ، وإنما نقلا ما نقلاه من أمثال هذا القول المرجوح في نظرهما جريا على عادة المفسرين من تدوينهم كل ما قيل في تفسير الكتاب المبين وأن يصح عندهم . وجاء في مفاتح الغيب للإمام الفخر الرازي : " اختلفوا في السكينة وضبط الأقوال ، منها أن نقول : المراد بالسكينة إما أن يقال : إنه كان شيئا حاصلا في التابوت أو ما كان كذلك ، والقسم الثاني هو قول أبي بكر الأصم فإنه قال : آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم ، أي تسكنون عند مجيئه وتقرون له بالملك وتزول نظرتكم عنه ، لأنه متى جاءهم التابوت من السماء وشاهدوا تلك الحالة ، فلا بد وأن تسكن قلوبهم إليه وتزول نفرتهم بالكلية . وأما القسم الأول وهو أن المراد من السكينة شئ كان موضوعا في التابوت ، ففيه أقوال ، والقول
[1] الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل ، الإمام محمود الزمخشري ، دار الكتب العربي ، ج 1 ص 292 .