ثم إن السيد الطباطبائي صاحب الميزان ( رحمه الله ) ، عبر عن هذا اللطف الإلهي بالموهبة ، فالعصمة عبر عنها بالموهبة الإلهية ، وأرجع العصمة إلى العلم ، وذكر أنها - أي العصمة - نوع من العلم والشعور يغاير سائر أنواع العلم ، في أنه غير مغلوب لشئ من القوى الشعورية البتة ، بل هي الغالبة القاهرة عليها المستخدمة إياها ، ولذلك كانت تصون صاحبها من الضلال والخطيئة مطلقا . وإذا كانت العصمة راجعة إلى العلم ، فيكون الأمر أوضح ، لأن الإنسان إذا علم بقبح شئ فلا يريده ، وإذا علم بالآثار المترتبة على الفعل الذي يريد أن يقدم عليه ، تلك الآثار إن كانت حسنة فإنه يقدم ، وإن كانت سيئة فإنه يحجم ، فتكون العصمة حينئذ منبعثة عن العلم ؟ ويكون الفارق بين المعصوم وغير المعصوم : أن غير المعصوم لم يحصل له ذلك العلم الذي حصل عليه المعصوم ، ولذا لا يبلغ غير المعصوم مرتبة العصمة ، لعدم وجود العلم اللازم فيه ، وعدم حصول ذلك العلم الخاص له ، وكثير من الأشياء يعجز الإنسان عن درك حقائقها من محاسن ومساوي ، أما إذا كان الإنسان عالما وبتلك المرحلة من العلم ، وكان عنده تلك الموهبة الإلهية - كما عبر السيد الطباطبائي رحمه الله - فإنه يعلم بحقائق الأشياء ويمتنع