نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 65
المحسنون بأنّ رحمة الله قريب منهم و أنّ الله يحبهم وأنّ الله لَمَعَهم معيّة خاصة عن معيّته القيوميّة على كل مخلوق ( 1 ) ، فالآية لم تكتف بوصف القسم الثالث بأنّهم تابعون للأولين السابقين ، بل ضيقت الدائرة إلى كون تبعيتهم بإحسان ، والإحسان والمحسن مقام فوق مقام العدل والعدالة . و كذلك الحال في القسمين الأوّل و الثاني ، فإنّه لم يبق على دائرته الوسيعة ، فضيق بحدود « السابقين » و هذه الدائرة لم تبق على حالها ، بل ضيقت إلى دائرة « أول السابقين » فلا بد - و الحال هذه - من تمحيص و فهم دلالة الكلام ، ألا ترى في سورة المدثر - و هي رابع سورة نزلت على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في مكة - انّها تقسم الموجودين حينذاك إلى أربعة أقسام ; هي « المؤمنون » و « أهل الكتاب » و « المشركون » و « الذين في قلوبهم مرض » ، فلو كان المراد هو مَن سبق بإظهار الإسلام من المهاجرين فأين هم الذين في قلوبهم مرض و يستترون بالاسلام عن إظهاره . فبكلّ ذلك ، مع ما ذكرنا من النقاط العامة يقع القاري على المراد في الآية الكريمة . ثم إنّه لا يخفى على القارئ أن الآية هي من سورة التوبة وقد استعرضت السورة نماذج عديدة سيئة ممن عايش النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ولقاه ، فمثلاً فيها ( ويحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا ) ( 2 ) فإنّها نزلت في غزوة تبوك و بعد الغزوة و في طريق العودة دَبَّرت مؤامرة لاغتيال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على العقبة ، و قد تقدم نقل حديث حذيفة - الذي رواه مسلم في صفات المنافقين - في منافقي أهل العقبة وأنهم من الصحابة الخاصة . و نموذج ثان تفصح عنه سورة التوبة : ( ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم ) ( 3 ) . و من البين أن السورة تشير