نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 119
الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليّاً ( عليه السلام ) فودى لهم الدماء وأرضاهم ( 1 ) . فتبيّن أن لا تلازم بين صدور العمل الصالح - على تقدير ثبوته - وبين استقامة الشخص في بقيّة أعماله ، فضلا عن عصمته وإمامته في الدين . أمّا الخوض في الفتوحات بشكل إجمالي فالنظرة المقابلة تقيّم الفتوحات التي حصلت بأنّها كانت بمثابة سدوداً أمام انتشار الدين في كلّ أرجاء المعمورة ، فإنّ هذا الدين الحنيف لا يصمد أمام بريق نوره الأقوام البشريّة إلاّ وتنجذب إليه ، وهذا هو عمدة نهج النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في دعوته إلى الإسلام . قال تعالى : ( إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً ) ( 2 ) ، فالدخول الفوجي الأفواجي للناس كان بحكم الانجذاب إلى عظمة الدين ، والمثالية التي يتّصف بها صاحب الدعوة ، والكيان الداخلي الذي بناه ، إلاّ إنّ مجموع الممارسات في أحداث الفتوحات كبّلت الدين ، وألبست الإسلام أثواباً قاتمة ، وولّدت انطباعاً لدى بقيّة الأُمم والملل أنّ الدين الحنيف هذا هو دين السيف والدم ، ولغته لغة القوّة بالدرجة الأُولى وفي القاعدة الأصلية له ، لا أنّه دين الفطرة العقلية ، ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) ( 3 ) . و من ثمّ أخذت بعض الكتابات في العالم العربي الإسلامي منذ نصف قرن في التنكّر لقانون الجهاد الابتدائي في الإسلام ، باعتبار أنّه يعني لغة القوّة والعنف والعسكر ، ورفضاً للغة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، التي هي من الثوابت الأوّلية لطريقة الدعوة إلى الإسلام ، وربّما تمسّكوا بسيرة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في جميع غزواته ; إذ إنّها لم تكن مبتدأة منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بل من مناوشات الكفّار أوّلا للمسلمين ، وبذيل بعض الآيات من قبيل قوله تعالى : ( وقاتلوا في سبيل الله الّذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبّ