نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 120
المعتدين ) ( 1 ) . و قوله تعالى : ( لا ينهاكم الله عن الّذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم إنّ الله يحبّ المقسطين * إنّما ينهاكم الله عن الّذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولّوهم ومن يتولّهم فأُولئك هم الظالمون ) ( 2 ) . و نحوها من الآيات التي ظاهرها يوهم بأنّ القتال مخصوص بالمدافعة ، وقد تسرّب مثل هذا النظر إلى بعض الأوساط الفقهيّة . والذي أوقعهم في مثل هذا الوهم المخالف للمسلّمات الفقهيّة في الدين ، هو ما جرى من الأحداث والممارسات في الفتوحات عبر تاريخ المسلمين ، فإنّه قد وقع الخلط لديهم بين الجهاد الابتدائي وبين العدوان المبتدأ ، وحصر الدفاع في الجهاد الدفاعي ، مع إنّ الجهاد الابتدائي ليس بمعنى الابتداء بالعدوان ، بل إنّ الغطاء الحقوقي للجهاد الابتدائي هو الدفاع الحقوقي ، وإن كان ابتداء الحرب من المسلمين بمعنى الضغط على الكفّار تحت تأثير القوّة ، لكن ليس هو ابتداء عدوان ، بل ابتداء الضغط بالقوّة لردّ العدوان الذي مارسه الكفّار تجاه المسلمين في ما سبق ، فالابتداء في استخدام القوّة أمر ، والابتداء في العدوان أمر آخر . و أمّا التمسّك بسيرة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلقد خلط أصحاب هذه المقولة بين الجهاد الابتدائي في مصطلح الفقهاء وبين العدوان الابتدائي الحقوقي ، فالثاني لم يكن في سيرته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أمّا الأوّل ; فغزوة « بدر » أعظم الغزوات كانت ابتداء في استخدام القوّة منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ردّاً على مصادرة أموال المسلمين في مكّة التي قام بها كفّار قريش ، وردّاً على الغارات المباغتة التي كان يقوم بها أفراد منهم على أطراف المدينة ، ونحو ذلك ، لكنّ ذلك لا يستوجب تصنيف غزوة « بدر » في الجهاد الدفاعي وإخراجه عن الابتدائي بالمصطلح الفقهي ; إذ لكلّ شرائط تختلف عن الآخر ، وكذا غزوة « خيبر » وغزوة « حنين » وغزوة « تبوك » وغيرها من الغزوات الكبرى أو الوسطى والصغيرة ، وقوله تعالى في سورة الأنفال
1 . البقرة / 190 . 2 . الممتحنة / 8 و 9 .
120
نام کتاب : الصحابة بين العدالة والعصمة نویسنده : الشيخ محمد السند جلد : 1 صفحه : 120