نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 80
الفحص والرجوع إلى السنة النبوية ، ومقابلة الآية المبينة للحكم مع الأحاديث التي وردت في بابه ، لأن السنة بيان وتفسير للقرآن . السنة النبوية : أجمع المسلمون بكلمة واحدة على أن ما ثبت عن الرسول بطريق اليقين فهو حجة متبعة ، تماما كالقرآن ، لقوله تعالى : " ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عن فانتهوا " . ولكن أبا حنيفة لم يثبت عنده من أحاديث الرسول إلا سبعة عشر حديثا ، لأنه لا يقبل الحديث إلا إذا رواه جماعة عن جماعة ، أو اتفق فقهاء الأمصار على العمل به ، أو رواه صحابي ، ولم يخالفه فيه أحد . وهذا التشدد في الحديث أدى به إلى تضييق العمل بالسنة ، أو طرحها بالنتيجة ، والتوسع في العمل بالرأي ، سواء أكان الرأي قياسا أم استحسانا أم مصالح مرسلة . " ومن الأمور الظاهرة في فقه أبي حنيفة الحيل الشرعية ، وقد أصبحت فيما بعد بابا واسعا من أبواب الفقه في مذهب أبي حنيفة وغيره من المذاهب ، وإن كانت في مذهب أبي حنيفة أظهر " [1] . ومعنى اقتصار أبي حنيفة على العمل ب 17 حديثا فقط أنه في النتيجة لا يعتمد على السنة كمصدر للتشريع ، وأن صحيح البخاري ومسلم ، وبقية الصحاح المحتوية على مئات الأحاديث ليست بشئ ، مع أن الحنفية يعتبرونها ، ويعملون بها خلافا لمبدأ إمامهم أبي حنيفة . أما ابن حنبل فيأخذ بالحديث الصحيح إن وجده ، وإلا فبما أفتى به الصحابة ، وإن اختلفوا تخير ، وإلا فبالحديث المرسل والضعيف ، وإن فقد كل هؤلاء التجأ إلى الرأي من قياس واستصلاح . ولا يعمل به إلا عند الضرورة . وبهذا يتبين الفرق بين مسلك ابن حنبل ، ومسلك أبي حنيفة ، فالأول يوسع دائرة الأخبار ، ويضيق دائرة الرأي ، والثاني على العكس يوسع دائرة الرأي ، ويضيق دائرة الأخبار ، ومن هنا كان المدى بعيدا بين فقه المذهبين . أما مالك فوسط بين الاثنين ، فهو لا يشترط في الحديث الشهرة كأبي
[1] ضحى الإسلام لأحمد أمين ج 2 ، والمدخل إلى علم أصول الفقه للدواليبي .
80
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 80