نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 53
شطر المسجد الحرام " . ونتساءل : إذا جاز النسخ على الله بهذا المعنى في الأمور التشريعية فهل يجوز عليه ذلك في الأشياء الكونية والطبيعية ، وذلك بأن يقدر الله ويقضي بإيجاد شئ في الخارج ، ثم يعدل ويتحول عن قضائه وإرادته ؟ اتفق المسلمون جميعا على عدم جواز النسخ في الطبيعيات ، لأنه يستلزم الجهل وتجدد العلم لله ، وحدوثه بعد نفيه عنه . تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، ويسمى هذا بالبداء الباطل ، وقد نسبه البعض إلى الإمامية جهلا أو تجاهلا ، رغم تصريحاتهم المتكررة بنفيه . روى الشيخ الصدوق في كتاب " إكمال الدين وإتمام النعمة " عن الإمام الصادق أنه قال : من زعم أن الله عز وجل يبدو له في شئ لم يعلمه أمس فابرأوا منه . وبعد أن نفى المسلمون جميعا البداء بهذا المعنى أجازوا بداء لا يستدعي الجهل وحدوث العلم لذات الله ، وهو أن يزيد الله في الأرزاق والأعمار ، أو ينقص منهما بسبب أعمال العبد ، قال المفيد شيخ الشيعة الإمامية في كتاب " أوائل المقالات " باب القول في البداء والمشيئة : " البداء عند الإمامية هو الزيادة في الآجال والأرزاق ، والنقصان منهما بالأعمال " . وتدل على هذا الآية 60 من سورة غافر : " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم " وروى الترمذي في سننه باب لا يرد القدر إلا الدعاء أن النبي قال : لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر [1] . وبالتالي ، فقد اتفق السنة والشيعة بكلمة واحدة على أن أية صفة تستدعي الجهل وتجدد العلم فهي منفية عن الله سبحانه بحكم العقل والشرع ، سواء أعبرنا عنها بالبداء أو بلفظ آخر ، وعليه فلا يصدق القول بأن الشيعة أجازوا البداء على الله دون السنة ، لأن المفروض أن البداء المستلزم للجهل باطل عند الفريقين . فأين محل النزاع والصراع ؟ هذا ، إلى أن الإمامية قد تشددوا في صفات الباري أكثر من جميع الفرق
[1] انظر كتاب " البيان في تفسير القرآن " للسيد الخوئي ص 277 .
53
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 53