نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 456
هذه الظاهرة في جميع أدوارهم ، ولن ينسوها بعد أن اتصلوا بالفلسفة اليونانية والأمم المتحضرة . لم تكن الفلسفة معروفة في صدر الإسلام ، ولما عرفها المسلمون فيما بعد انحرفوا بها إلى الدين ، وأوضح مثال على ذلك علم الكلام والتوحيد ، فإنه فلسفي في صورته ديني في مادته . وليس من غرضنا الآن أن نترجم لكل إمام من أئمة آل البيت ونبين منزلته من العلوم ، وإنما غرضنا الأول أن نقدم صورة لعلومهم على وجه العموم ، وخير مثال لذلك علم الإمام علي وحفيده جعفر الصادق . فقد ذاع علمهما وانتشر . وظهر أثره في المؤلفات والمدارس الإسلامية أكثر من علم غيرهما من الأئمة . على أنه إذا استطعنا أن نصور علم هذين العظيمين أمكننا أن ندرك من خلاله مدى علوم سائر الأئمة ، لأن كل إمام كان يأخذ العلم عن أبيه إلى أن تنتهي السلسة إلى الرسول الأعظم ، كما قال الشيخ أبو زهرة في كتاب الإمام الصادق . كان الإمام علي بن أبي طالب عالما بأمور الدين والدنيا التي تعرض لها القرآن والسنة ، ولم يخف عليه شئ يمت إلى الإسلام بسبب قريب أو بعيد ، بل روي عنه أنه قال : " لو ثنيت لي الوسادة لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم ، وأهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل القرآن بقرآنهم " . وعلمه هذا نتيجة لطول صحبته مع الرسول ، فقد ضمه إليه وهو طفل ، وبقي في كنفه بعد النبوة ، إلى أن لحق النبي بالرفيق الأعلى . وأسلم حيث لا يوجد على وجه الأرض مسلم إلا محمد وزوجته خديجة واهتم النبي بتنشئته وتربيته ، واتخذه أمينا لسره ، واصطفاه لعلمه ، وكان كاتبه وشريكه في نسبه وزوج ابنته ، وأبا ريحانتيه الحسن والحسين ، وأخاه حين آخى بين المسلمين ، وبديله على فراشه حين هم المشركون بقتل من يبيت في الفراش . واستخلفه على ما كان عنده من ودائع لما هاجر من مكة إلى المدينة ، كما استخلفه على المدينة يوم سار إلى غزوة تبوك ، وقال له : أنت مني بمنزلة هارون من موسى . وولاه القضاء في اليمن ، وبلغ عنه سورة " براءة " . وشهد مع النبي مشاهدة كلها . بل كان علي نفس النبي كما نطقت بذلك الآية 61 من سورة آل عمران : " فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ، وأنفسنا وأنفسكم ،
456
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 456