responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 421


المحسن إن الكثير منا يملك العلم والذكاء ، ولكن ماذا يجدي العلم والذكاء إذا أديا إلى لغو لا خير فيه ! وماذا يجدي الجاه والمال إذا كانا سببا للتحاسد والتباغض !
بل ماذا تجدي الهجرة إلى النجف والأزهر وأكسفورد والسوربون إذا لم تكن لغايات إنسانية ولم تدفع بالحياة إلى التقدم وكيف تتقدم بنا الحياة أو نتقدم بها ، إذا كنا نجهل الحياة ، وتستعبدنا الشهوات ! .
لقد انبعثت نفس الفقيد من صميم العصر الذي عاش فيه ، وتجرد عن ذاته وغايته ، فكان كفوءا لكل ما ألقي عليه من مسؤوليات ، تسعين عاما من حياته قضاها مجاهدا في سبيل العلم والخير مدافعا عن الحق دفاع من لا يبغي حطاما ، ولا يخشى سلطانا ، فكان في عاملة والعراق ودمشق لا وزن عنده إلا للحق ، ولا فضل إلا لعامل على خير الوطن والصالح العام كائنا من كان سنيا أم شيعيا ، مسلما أم غير مسلم ، وهذه هي السبيل الواضحة التي يصل منها الإنسان إلى العظمة المطلقة التي تتخطى حدود الأمصار والأديان ، لأنها كالشمس فوق الحدود جميعا ، لقد كان الإنسان إنسانا قبل أن يكون شرقيا أو غريبا ، وقبل أن يكون مسلما أو نصرانيا ، وهكذا العظمة وحب الخير لا يجنسان جغرافيا ولا تاريخيا ولا دينيا ، ولا هوية لهما غير حقيقة الإنسان بمعناه الشامل ، إن الزمان والمكان لا يغيران شيئا من حقيقة الإنسان ، وإنما هما ظرفان لما يقوم به من أعمال ، وأن معنى الدين هو الشعور بالمسؤولية تجاه أخيك الإنسان ، ومعنى الإيمان هو إخضاع حياتك لهذا الشعور ، أن المسيح لا يريد النصراني الماروني أو الرومي وإنما يريد النصراني الإنساني ، ومحمد لا يريد المسلم السني أو الشيعي ، وإنما يريد المسلم الإنساني ، هكذا فهم الفقيد الإسلام والإيمان فأخضع حياته لهذا الشعور ، وبهذا كان عظيما عند المسيحيين كافة والمحمديين كافة .
وربما يتساءل المرء : كيف اجتمعت هذه العظمة مع تلك الحياة المتواضعة التي كان يحياها الفقيد والبساطة في مظاهرة في مأكله وملبسه ومسكنه ، فلا بواب ولا حجاب ، ولا سيارة فخمة ، وبناية ضخمة ، وقد رأيته ، وأنا جار له في الشياح واقفا في دكان قصاب يشتري اللحم ويحمله بيده إلى أهله ، ورأيته منفردا متثاقلا يدفع بجسمه المريض المتهدم يزور العمال البائسين في بيوتهم ،

421

نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 421
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست