responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 422


فيجلس إليهم ويطايبهم ، ويسمع منهم ، ويستمعون إليه ، قد يتساءل المرء :
أهذا حقا هو الذي احتشدت الأمة بقضها وقضيضها خلف جثمانه ! أهذا حقا هو الذي كان بالأمس يحمل اللحم بيده ! أهذا حقا هو الذي كان يمشي وحيدا في الشارع ، ويجلس على الحصير مع البائس والفقير ! نعم هو هو !
وهذا الرسول الأعظم الذي قرن اسمه باسم الله فيه الصلاة ، وعلى المنابر والمآذن ، ودانت بأقواله ملايين الملايين في مشارق الأرض ومغاربها هو الذي كان يخصف نعله ، ويرقع ثوبه بيده ويعقل البعير ، ويقطع اللحم ، ويحلب الشاة ، ويطحن مع الخادم ، ويجلس على الأرض مع الأسود والأبيض ، وهكذا كان الرسول الأعظم ، وهكذا اقتدى به سليلة المحسن الكبير ، وما هذا الاحتقار للمادة إلا مظهر الكمال ، والاعتداد بسلامة النفس ، الاعتداد بالعلم والنزاهة والعمل والاخلاص وحيثما وجدت الترف والزينة وجدت الاستغلال والخيانة ، وحيثما وجدت التواضع وجدت الحق والصدق .
كان مسجد الرسول الأعظم في عهده وعهد الخلفاء الراشدين هو البرلمان والسراي الكبير وقصر العدل ، ولم يكن هذا الجامع سوى قليل من الطين وسعف النخل ولكن منه انبعثت القوة التي حطمت تاج كسرى وقيصر ، ومنه شع النور الذي ملأ الآفاق والأكوان ، وبه سادت الفضيلة على الرذيلة ، وتغلب الضعيف المحق على القوي المبطل . أما القصور الشامخة أما ناطحات السحاب فأساسها البغي والاستثمار وحيطانها التحاسد والتباغض ، وسقفها الطمح والجشع ، وأثاثها العجب والرياء ، من سكنها أغوته ، ومن اغتر بها أردته ، والسلام على أمير المؤمنين حيث وصف المخلصين " عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم " والعكس بالعكس .
أنكر أهل الجاهلية الرسول الأعظم ، لأنه يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ، ولا يملك كنزا ولا بستانا أهذا الذي بعثه الله رسولا ؟ " وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة " ولو كان محمد ص في هذا العصر لقال له البعض : كيف تكون نبيا ، وأنت لا تملك سيارة ! .
وما تجلت هيبة الحق في شئ ، كما تجلت في حياة متواضعة وزهد في

422

نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية    جلد : 1  صفحه : 422
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست