نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 409
حديث رمضان * لقد غير العلم فهم الإنسان لحقيقة الحياة ، وقضى على كثير من التقاليد والمعتقدات ، قضى على المعتقد الذي أقام الخرافة مقام العلم ، والأحلام مقام الملموس والمنظور ، وفسر الطبيعة وحوادثها بأشياء لا تمت إليها بسبب . فسر المرض بلمس الجن ، فعالجه بالرقى والتعاويذ ، ونسب الفقر إلى القدر ، فأوجب الاستسلام له والانقياد ، وأسند سلطة الحاكم إلى الله ، فأمر الناس بالسمع له والطاعة . هذه هي العقيدة التي ناصرها الظلم ، وقاومها العلم ، ودعمها الاقطاع ، وكذبها الوعي ، ودللها الاستعمار وخنقها التطور . أما الدين الذي يحارب الخرافات والأوهام ، ويدعو إلى تفسير الطبيعة بأسبابها ، ويتصل بحياة الإنسان مباشرة ، ويهدف إلى أن تكون الفضيلة عملا مجسما يحسه ويشعر به كل فرد فإنه يسير مع العلم جنبا لجنب حليفين متناصرين ، وهل يحارب العلم دينا أساسه الدعوة إلى العلم ، وحده العدالة والمساواة ، وهدفه سعادة الإنسانية ورفاهيتها ؟ إن مثل هذا الدين يرفع الإنسان إلى مستوى أعلى ، فقد رفع الإسلام قبائل العرب المتوحشة إلى أقصى ما يمكن أن يصلوا إليه من التقدم والحضارة في ذلك العهد ، وهذا التاريخ طبع كثيرا من الحضارات بطابع الدين وسماته ، فوصف هذه بالحضارة الإسلامية ، وتلك بالحضارة المسيحية ، وثالثة بالحضارة البوذية ، ولو كان العلم يعاند الدين لما كان للحضارة الدينية في التاريخ ذكر ، وللكنائس ورجالها في أميركا وأوروبا عين ولا أثر أثر في هذا العصر الذي يجري فيه تيار العلم بأقصى ما يجري تيار في جميع العصور . يتبين من هذا أن العلم لا يعاند اللهوت ، وأن عدو اللاهوت هو اللاهوتي
* أذيعت من محطة الإذاعة اللبنانية ونشرت في جريدة التلغراف في شهر رمضان المبارك 1952 .
409
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 409