نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 404
الجشع كان الناس فيما مضى لا يتطلبون من رجل الدين أن يتكل في أشياء تخرج عن تعاليم مدرسته ودائرة اختصاصه ، فإذا خطب أو كتب تناول موضوعات تكاد تنحصر في العبادات والفقه والوصايا العشر ، وما إليها ، وكان يسند أقواله إلى كتاب منزل ، أو نبي مرسل ، أو حكم العقل ، أو إجماع الأمة ، هذا إذا كان من ذوي العلم والتحصيل ، وإلا أسندها إلى مصدر غير صحيح ، أو أرسلها إرسالا من غير أسناد معتمدا على اسم الدين وماله من قداسة وهيبة في النفوس ، وكانت هذه القداسة وحدها تقوم عند المؤمنين والاتباع مقام التعليل وذكر الدليل ، فهي الحجة القاطعة لإثبات الحق في فصل الخصومات ، وحل المشكلات . أما اليوم فقد عم الوعي ، وخضع كل شئ للنقد والتساؤل ، وبنيت الحياة وأشياؤها على العلم ، على التجربة والمشاهدة ، فأي مبدأ أو قول كائنا من كان قائله لا بد يتناوله البحث والتمحيص ، ومن حاول أو يحاول الإفلات من النقد والبحث الحر فإنما يقيم الدليل على أنه يبني على غير أساس ، ويسير على غير هدى . إن الويل لمن زلت قدمه عن جاده الصواب ، وتجاوز حدود الواقع ، واستعان بالأوهام والتخيلات . إن الدعاية الصحيحة أو قل الناجحة هي أن تعلن الواقع بدون مبالغة أو تحريف ، أما إعلان ما ليس بواقع فينتج عكس الغرض المطلوب ، لهذا لا أذكر شيئا مما قرأته في كتاب أو سمعته من أفواه الرجال عن فوائد الصوم ، لأن الصوم عبادة ، والعبادة لا تصاب بالعقول ، ولا تفسر بالأوهام ، بل يختصر فيها على ما نطق به
* أذيعت من محطة الإذاعة اللبنانية نشر في جريدة " الجريدة " في شهر رمضان المبارك سنة 1955 .
404
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 404