نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 386
الإسلام وفكرة الزهد * تعرضت كتب التاريخ والتراجم لسيرة الملوك والأمراء ، وقادة الجيش ، ولم تتعرض بالذات لحياة الفقراء الكادحين ، ومع ذلك فباستطاعة الباحث أن يتعرف على حياة الجماهير من خلال دراسته لحياة القادة والحكام ، لأن حياة هؤلاء وتاريخهم يرتبط ارتباطا تاما بالحياة والاجتماعية ، وتاريخ المجتمع على أن المؤرخين وأصحاب السير قد ترجموا لعدد كبير من الشعراء ورجال الدين وعلماء اللغة الذين عانوا آلام البؤس والشقاء ، ترجموا لهم لأنهم من أهل الذكاء والمعرفة ، لا لأنهم من ذوي الفقر والفاقة ، فمن هؤلاء : عبد الوهاب بن علي المالكي كان بقية ذوي الفضل ، وقد ضاق به العيش في بغداد فهجرها ، ولدى خروجه شيعه خلق كثير من سائر الطوائف ، فقال لهم : لو وجدت بين ظهرانيكم رغيفين في كل غداة ما عدلت ببلدكم بلوغ أمنية . ومنهم الأخفش الصغير علي بن سليمان النحوي عاش أياما على اللفت النئ حتى انتهت به الحال إلى أن مات جوعا ، ومنهم الخليل بن أحمد النحوي العروضي الشهير كان يقيم في خص من أخصاص البصرة لا يقدر على فلسين ، والخص خيمة من القصب ، ومنهم أبو الطيب الطبري طاهر بن عبد الله كان شيخ الشافعية في عصره وبلغ من العمر مائة وستين سنة صحيح العقل والفهم والأعضاء ، يفتي ويقتضي ويدرس ، كان له ولأخيه عمامة وقميص ، إذا لبسها هذا جلس الآخر في البيت وإذا أراد غسلها جلسا فيه معا ، وفي ذلك قال الشاعر : قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم * لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل
* نشر في رسالة الإسلام نيسان 1954 .
386
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 386