نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 364
الطعام قاتله ، فإن قتل المضطر كان مظلوما ، وإن قتل صاحب الطعام فدمه هدر " . ومن الطريف ما ذكره كثير من فقهاء السنة والشيعة وإن المضطر إن لم يجد إلا نفسه جاز له أن يقطع بعض أعضائه غير الرئيسة التي لا يؤدي قطعها إلى هلاكه ، ويأكلها ، وأنه إذا وجد إنسانا ميتا جاز له أن يأكل من لحمه . وأول ما يختلج في النفس أن الفقهاء قد استوحوا هذا الفرض وأمثاله ، من الفقر والحرمان في العصر الذي عاشوا فيه ، وإن شأن المضطر في حركاته وسكناته ، أشبه بشأن الجماد تسيره قوة خارجة عنه ، لأنه لا يصغي ولا يمكن أن يصغي لقول : هذا حسن يجب فعله ، وذاك قبيح يجب تركه : وقد التقت النظرية القائلة " إن الفقر ليتحدى كل فضيلة " بنظرية الفقهاء " لا عقاب مع اضطرار " بل هي عينها ، وكفى بالفقر عقابا . وقال الشيخ محمد الأعسم في منظومة الأطعمة والأشربة [1] الفضل للخبز الذي لولاه * ما كان يوما يعبد الإله ومن الأمثلة عندنا في جبل عامل " الجوع كافر " ولعل مصدر هذا المثل قول أبي ذر : " إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر خذني معك " فقد تجول هذا الصحابي في قرى العامليين - جنوب لبنان - ينذر ويبشر أهله ، عندما نفاه عثمان إلى بلاد الشام . وليس الفقر كفرا فحسب ، بل هو الموت الأكبر ، كما قال الإمام علي بن أبي طالب ع ، موت للعقل والروح والجسم ، فلا صحة ولا علم ، ولا فضيلة مع فقر ، فالجهاد للفضاء على الفقر أفضل من كل جهاد عند الله سبحانه ، لأنه جهاد في سبيل الإيمان بالله والعمل بشريعته وأحكامه .
[1] الشيخ محمد علي الأعسم عالم من علماء النجف وشعرائها ، له منظومات في الفقه والعربية ، توفي سنة 1247 هجرية .
364
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 364