نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 173
العقود والأنكحة لشيخ الشيعة أبي المكارم حمزة بن زهرة ، فقبل الوالي ذلك كله . إن الحمدانيين لم يكرهوا أحدا على التشيع ، ولم يغروه بالمال والمناصب ، ولم يؤلفوا الهيئات والمنظمات للدعاية ، بل تركوا الناس يختارون لأنفسهم ما يشاؤون ، ويعتقدون ما يريدون ، فانبرى الدعاة المخلصين ، وأعلنوا الحق ، فآمن به من آمن ، حيث لا ضغط ولا إكراه ، على عكس العباسيين والأمويين ، وصلاح الدين . لقد حمل الأيوبي معه إلى مصر وسورية تيارا هائلا من التعصب الأعمى - وكل تعصب هو أعمى - كان له أسوأ الأثر في حياة المسلمين ، وما زالوا يعانون منه ، حتى اليوم . أما الحمدانيون فقد كانوا أصحاء في عقولهم ، كما كانوا على حق في دينهم ، لذا تسامحوا ، وتركوا للناس حرية القول والتفكير مما جعلهم ملجأ وملاذا للعلماء والفلاسفة والأدباء ورجال الفكر من جميع الأديان والمذاهب ، حتى أن رجال الفن من الروم كانوا يهربون من مليكهم قيصر إلى سيف الدولة ، حيث يجدون عنده ما لم يجدوه في بلادهم وعند أبناء دينهم ولغتهم . من هنا ترك لنا عصر الحمدانيين هذه الآثار والكنوز . ولو افترض أن صلاح الدين الأيوبي كان على حق في تسننه ، وأن الشيعة كانوا على ضلال في تشيعهم أي مبرر له في قتلهم واستئصالهم ؟ إن قوانين الدول المتحضرة تنص على أن لكل إنسان الحق في إعلان آرائه ومعتقداته ، بل والترويج لها ما دام لا يتعدى على حق غيره . وهؤلاء المسلمون في كل مكان يعتقدون أن العين بالعين والسن بالسن ، وقوانين دولهم تنص على خلاف ذلك ، ولكنها لا تعاقب أحدا منهم ، ما دام لم يسمل عين أحد ، أو يكسر سن أحد . لقد أراد صلاح الدين الأيوبي ، ومن على شاكلته أن يقضي على الشيعة والتشيع ، ويأبى الله إلا أن يتم نور آل الرسول المنبثق عن نور الله بالذات .
173
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 173