نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 109
لدرئه ومناهضته ، فأخذت على نفسها الذب عن الحق وأهله ، وحملت لواء الشريعة الإسلامية أصولها وفروعها ، وقصدت لكل مهاجم ومعاند ، وأعلنت حربا لا هوادة معها على الغلاة [1] ، وناضلت ضد المعتزلة والمتصوفة والمرجئة والخوارج والأشاعرة ، وصححت لعلماء الكلام الذين حاولوا إثبات الدين كثيرا مما وقعوا فيه من الأخطاء ، وجرت بين هؤلاء من جهة ، وبين الإمام الصادق وتلاميذه من جهة مناظرات ومجادلات كان الفوز والنصر فيها لمدرسة الإمام ، فأثبت بالبرهان أن أقوالهم تبتعد عن الحق بمقدار صدودها عن السلام وتعاليمه [2] . لذا اتجهت الأنظار إلى المعلم الأكبر ، وتشيع له المفكرون ، وحفظوا أقواله ودونوها ، واعتبروها الفصل بين الحق والباطل ، وبين الأصيل والدخيل ، تماما كأقوال جده الرسول ( ص ) . وكان من نتيجة هذه الفترة ، ومرافقتها لتلك الحركات الفكرية أن عرف المذهب صافيا على حقيقته في العقائد والتفسير ، والأخلاق والفقه وأصوله ، وأخذ التشيع معناه ومجراه في إطاره العلمي أصولا وفروعا . وقد كان المذهب في أشد الحاجة إلى هذا المتنفس والمنطلق الذي صادف وجود الإمام ، إذ لو أمكنت الفرصة ولم يوجد الإمام ، أو وجد ولم تكن الفرصة ممكنة ، أو تحقق الأمران ولم تكن تلك الحركات الفكرية لم يكن لنا هذا التراث الضخم في شتى العلوم الإسلامية ، خصوصا الفقه ، بل لم يكن هذا التقارب بين الشيعة والسنة في أصول الدين ومبادئ التشريع . فالفضل في استقلال المذهب وتركيزه ، كما هو الآن يعود للإمام الصادق بعد أن أسعفته الظروف ، ومهدت له السبيل ، ومن هنا أطلق على الشيعة لفظ الجعفريين ، وعلى فقههم الفقه الجعفري . نحن نؤمن وندين بأن كل إمام من الأئمة الاثني عشر عنده علم الكتاب وسنة الرسول بكاملهما ، وأنه أعلم أهل زمانه على الإطلاق ، ولكن العلم ليس بالسبب الكافي لبثه ونشره ما لم تواكبه عوامل أخرى ، وقد ساعد الإمام الصادق
[1] ولا أجا في الصواب إذا قلت : إن الإمام الصادق قرب مسافة الخلف بين السنة والشيعة في محاربته الغلاة ، وإبطال الكثير من أقوال المعتزلة . [2] تجد الكثير من هذه المناظرات في كتاب " الاحتجاج " للطبرسي ، والبحار للمجلسي وسائر كتب المناقب والفضائل .
109
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 109