نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 105
واختلف علماء الإمامية في أمر المختار ، فمنهم من لم يثق بدينه وإخلاصه ، لأن الإمام السجاد ذمه وتبرأ منه ، ومنهم من مدحه وأثنى عليه - وهم الأكثر الأشهر - لأن الله سبحانه استجاب دعوة الإمام ، وقتل قتلة الحسين على يده ، ومنهم من توقف ، ولم يحكم عليه بشئ . وقبل أن أكتب هذه الكلمات راجعت سيرته فيما لدي من المصادر ، وبقيت معه ثلاثة أيام بلياليها ، وانتهى بي البحث إلى الميل إلى أن الرجل كان من طلاب الحكم ، وعشاق الإمارات ، وأنه بايع ابن الزبير طمعا أن يوليه الكوفة ، ولما يئس منه انتقض عليه ، وحين اجتمع حوله الناس أخذ البيعة لنفسه ، أما طلبه لثأر الحسين ( ع ) فكان لمجرد الدعاية ، لأن الجماهير كانت تريد ذلك ، ولولاها لسكت وأحجم ، وعلى الأقل لم يفعل ما فعل ، بدليل أنه أعطى الأمان لعمر بن سعد بطل المأساة في كربلاء ، ولم يبطش به - فيما أعتقد - إلا بضغط الجماهير ، ومضايقتهم له ، فقد تجاوز الحماس للأخذ بالثأر كل حد ، والتهبت المشاعر حقدا وغيظا على قتلة الحسين ، حتى أن النسوة كانت توشي بأزواجهن الذين اشتركوا في مأساة كربلاء ، ولم يستطيع المختار كبح الجماح ، حتى ولو حاول ذلك ، هذا ، إلى أنه كان في أشد الحاجة إلى مؤازرتهم ومناصرتهم بعد أن أحاطت به قوى الزبيريين والأمويين من كل جانب . إذن لم يستطع المختار إلا أن يفعل ما فعل . والذي طالب بدم الحسين حقا ، وبدافع من دينه وإخلاصه هو سليمان بن صرد الخزاعي ومن كان معه ، ولذا انضم إليه كثير من القراء وأهل المعرفة ، أما الغوغاء فكانت مع المختار . ورغم ذلك كله فإني أقول مع العلامة المجلسي صاحب البحار : " إنه - أي المختار - وإن لم يكن كاملا في الإيمان واليقين ، ولا مأذونا فيما فعله صريحا من أئمة الدين ، لكن كما جرى على يده الخيرات الكثيرة ، وشفى بها صدور قوم مؤمنين كانت عاقبة أمره إلى النجاة " . وكفاه شفيعا قول الإمام السجاد حين رأى رأس ابن سعد : " الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي ، وجزى الله المختار خيرا " . وقول الإمام الصادق : " ما امتشطت فينا هاشمية ، ولا اختضبت ، حتى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين " .
105
نام کتاب : الشيعة في الميزان نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 105