فأمر بإطفاء الضياء ، وتفرق جمع كثير ممن كان معه ، الذين لم تكن أهدافهم سوى المادة والقضايا المادية ، ولم يبق معه الا رائدو الحق ومتبعو الحقيقية ، وهم ما يقارب من أربعين شخصا ، وعدد من بني هاشم ، وللمرة الثانية ، جمع الإمام الحسين ( ع ) أصحابه ، فخطب فيهم قائلا : اللهم إني أحمدك على أن كرمتنا بالنبوة وعلمتنا القرآن وفقهتنا في الدين ، وجعلت لنا أسماعا وأبصارا وأفئدة فاجعلنا من الشاكرين . أما بعد ، فاني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي ، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل من أهل بيتي ، فجزاكم الله عني خيرا ، الا واني لا أظن يوما لنا من هؤلاء ، الا واني قد أذنت لكم فانطلقوا جميعا في حل ليس عليكم مني زمام ، هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا . فقال له أخوته وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبد الله بن جعفر ، لم نفعل ذلك لنبقى بعدك ! ؟ قال بعضهم : ما نفعل ذلك ، ولكن نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهلينا ، ونقاتل معك حتى نرد موردك ، فقبح الله العيش بعدك . فقام مسلم بن عوسجة خطيبا ، قال : أنحن نخلي عنك وبما نعتذر إلى الله في أداء حقك ، اما والله حتى أطعن في صدورهم برمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به ، لقذفتهم بالحجارة ، والله لا نخليك حتى يعلم الله انا قد حفظنا غيبة رسوله فيك ، أما والله ، لو قد علمت اني اقتل ثم أحيى ثم أحرق ثم أحيى ، ثم أذرى ، يفعل ذلك بي سبعين مرة ، ما فارقتك حتى ألقى حمامي ( الموت ) دونك ، وكيف لا افعل ذلك ، وانما هي قتلة واحدة ، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها ابدا 1 . وصل الانذار إلى الامام في عصر يوم التاسع من محرم ( اما البيعة أو
( 1 ) مناقب ابن شهرآشوب ج 4 : 99 / ارشاد المفيد ص 214 .