والسفر الذي هو عازم عليه ، والنهضة التي هو قائدها ، فأجابهم الحسين ( ع ) ، انني لن أبايع يزيدا ، ولا أقر بحكومة جائرة ، واني على علم بأنهم يريدون قتلي أينما أقمت ، وما تركي لهذه البقعة المكرمة الا حرمة لهذا المكان المقدس ( بيت الله الحرام ) ، والا تهلك حرم الله تعالى ، باهراق دمي 1 . سار الحسين إلى العراق ، وفي طريقه ، وصله نبأ مقتل رسوله ومبعوثه إلى الكوفة ، مع أحد من شيعته ، على يد والي يزيد ، وقد أمر الوالي بعد قتلهم ، أن تربط أرجلهم بالحبال ، ويدار بها شوارع الكوفة وأزقتها 2 . فكانت الكوفة وضواحيها ، تحت مراقبة شديدة من قبل الأعداء ، تنتظر قدوم الحسين ، والأمارات دالة على قتله لا محالة ، وهنا أعلن الحسين مصرحا بنبأ قتله دون تردد ، واستمر في سيره 3 . حوصر الحسين ( ع ) ومن معه من قبل الجيش الأموي ، على مسافة سبعين كيلو مترا من مدينة الكوفة ، في منطقة تسمى ( كربلاء ) . فكانت تضيق دائرة الحصار على هؤلاء ، ويزداد الجيش الأموي عددا وعدة ، وآل الأمر إلى أن يستقر الامام مع القلة من أصحابه في محاصرة من قبل ثلاثين ألفا من الأعداء 4 . حاول الامام في هذه الأيام ، ان يحكم موقفه ، فأخرج من جنده من أخرج ، وأمر بأن يجتمع الأصحاب ، فاجتمعوا ، فقال الإمام ( ع ) في خطاب بهم ، ان القوم لم يريدوا الا قتلي ، وانا رافع بيعتي عنكم ، فمن أراد منكم الفرار ، فليتخذ الليل له سترا ، وينجو بنفسه من الفاجعة الموحشة التي تتربص بنا .
( 1 ) ارشاد المفيد 201 / الفصول المهمة 168 . ( 2 ) ارشاد المفيد 204 / الفصول المهمة 170 / مقاتل الطالبيين الطبعة الثانية ص 73 . ( 3 ) ارشاد المفيد 205 / الفصول المهمة 171 / مقاتل الطالبيين ص 73 . ( 4 ) مناقب ابن شهرآشوب ج 4 : 98 .