نام کتاب : الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 5
مدنيّة يرجع فيها الاختيار والتعيين إلى الناس أنفسهم ؟ وعلى هذا فهل أنّ الأحقّ بهذا المنصب هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أو أنّه أبو بكر ؟ ذلك هو أساس القضيّة ومحورها ، وعليه دارت رحى الخلاف بين المسلمين ، وهو النواة الأُولى لحدوث الصراع فيما بينهم ، وكان من نتيجته هذا الانقسام في الصفّ الاسلامي ، الذي لا زالت جراحاته تنزّ إلى يوم الناس هذا . فقد قال الشيعة استناداً إلى النصوص القرآنيّة والروايات الصريحة : انّ خليفة الرسول هو علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، ومن بعده الأئمّة الأحد عشر من ذرّية الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد أخذت الأدلّة بأعناقهم ، فأصرّوا على موقفهم ، واحتجّوا على مدّعاهم ، وأقاموا براهينهم ، وعرفوا بالشيعة الإماميّة ، أو بالشيعة الاثني عشريّة . وقال غير الشيعة : انّ الخليفة بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) هو أبو بكر بن أبي قحافة ، وأنكروا النصّ على الإمامة ، وانّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) لم يعيّن خليفة من بعده ، بل أوكل الأمر إلى الأُمّة لتختار لها حاكماً ، فوقع اختيارها على أبي بكر ، وحاولوا التشكيك في دلالة كلّ النصوص التي احتجّ بها الشيعة . واتّسعت دائرة الخلاف شيئاً فشيئاً لتطال المسائل الأصليّة والفرعيّة ، حتّى بلغت حدّ التباين بين الطرفين ، وأخذت تزداد اتّساعاً بمرور الأيّام ، وتتعمّق هوّة الخلاف . وعلى إثر ذلك افترقت الأُمّة إلى مذاهب وآراء ، كلّ منها يرى أنّه أصاب الحقّ والحقيقة ، وغيره على خلاف الحقّ والحقيقة ، وكان في ذلك تصديق لما أنبأ به النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) في الحديث المشهور ستفترق أُمّتي . . . الخ [1] . ومن الطبيعي أن يكون لكلّ من هذه المذاهب والآراء أنصار ومؤيّدون ، وكانت المساجلات بين الأطراف المتنازعة ، ومحورها الأساس الإمامة والإمام