نام کتاب : الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب نویسنده : المحقق البحراني جلد : 1 صفحه : 211
نقرّر في كلّ زمان نبيّ ودور كلّ صاحب ملّة وشريعة ، أنّ شبهات أُمّته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أوّل زمانه من الكفّار والمنافقين [1] ، وأكثرها من المنافقين ، وان خفي علينا ذلك في الأُمم السالفة لتمادي الزمان . فلم يخف من هذه الأُمّة أنّ شبهاتها كلّها نشأت من شبهات منافقي زمن النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى ، وشرعوا فيما لا مسرح فيه للفكر ولا مسرى ، وسألوا عمّا منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه ، وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه . إلى أن قال : فهذا ما كان في زمانه ( صلى الله عليه وآله ) وهو على شوكته وقوّته وصحّة بدنه ، والمنافقون يخادعون ، فيظهرون الاسلام ، ويبطنون النفاق [2] ، وانّما يظهر نفاقهم في كلّ وقت بالاعتراض على حركات النبيّ وسكناته ، فصارت الاعتراضات كالبذور ، وظهرت منها الشبهات كالزروع . وأمّا الاختلافات الواقعة في حال مرضه وبعد وفاته بين الصحابة رضي الله عنهم ، فهي اختلافات اجتهاديّة كما قيل ، كان غرضهم منها إقامة مراسم الشرع ، وإدامة مناهج الدين . فأوّل تنازع وقع في مرضه ( صلى الله عليه وآله ) فيما رواه الإمام أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل البخاري باسناده عن عبد الله بن عبّاس ( رضي الله عنه ) قال : لمّا اشتدّ بالنبيّ مرضه الذي توفّي فيه ، قال : ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعدي ، فقال عمر : انّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) غلب عليه الوجع ، حسبنا كتاب الله . وكثر اللغط ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : قوموا عنّي لا ينبغي عندي التنازع ، قال ابن عبّاس : الرزيّة كلّ