نام کتاب : الزيارة والتوسل نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 8
التوسل بالأنبياء والصالحين ، فإذا كانت الشريعة قد أباحت ذلك ، أو حثت عليه ، كما ستثبت مباحث هذا الكتاب ، فإنه داخل في إطارها ، جار على مسارها ، باتجاه أغراضها ومقاصدها . ولما كان للشريعة مسارها ، فهي كلما شرعت فعلا ، أو أقرته ، رسمت له حدودا ، ووضعت له آدابا ، بها فقط ينضبط هذا الفعل في مسارها ، وسيخرج عن هذا المسار بقدر خروجه عن تلك الحدود والآداب . . كما ستنتزع من الفعل شرعيته إذ ما استبطن غايات أخرى خارجة عن أهداف الشريعة ومقاصدها . وقليل من الناس هم الذين يستحضرون غايات العبادات وأهدافها الكبرى التي تتجاوز حدود الطاعة المتمثلة بالأداء الصحيح لها الملتزم بأحكامها وآدابها ، فكم من بين مئات الألوف من الحجيج الذين يؤدون كل عام فريضة الحج ، يستحضر وهو يؤدي مناسكه ما في كل واحدة من هذه المناسك من دروس تربوية وأهداف دينية واجتماعية كبيرة ؟ بل كم من هؤلاء من ينظر إلى الوراء ، إذا غاب عنه النظر إلى أمام ، ليستحضر المواقف التاريخية الكبيرة التي امتزجت بهذه المناسك منذ تشريعها ؟ والظاهرة ذاتها قريبة جدا في شأن زيارة القبور ، قبور الأنبياء والأئمة الأطهار وكبار الصالحين كانت ، أم عموم المقابر ، فالزيارة وإن كانت بذاتها ذات أثر شرعي ، وأن قصدها لوحدها لا يحبط العمل ، بل لا يحرم صاحبه الأجر والثواب ، فإن الصحيح أن الشريعة لم تشرع الزيارة لذاتها ، بل لعوائد كثيرة تعود على الميت ، كما تعود على الحي ، وأن من يفقه هذا لهو أفضل بكثير من الطراز الأول ، مع فرض تساويهما في صدق النية وحسن الالتزام بأحكام الشريعة وآدابها .
8
نام کتاب : الزيارة والتوسل نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 8