نام کتاب : الدعاء حقيقته ، آدابه ، آثاره نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 19
في الرخاء أذعن باستقلال الأسباب في الرخاء ، ثم إذا دعا ربه في الشدة ، كان معنى عمله أنه يذعن بالربوبية في حال الشدة وحسب ، وليس هو تعالى على هذه الصفة ، بل هو رب في كل حال وعلى جميع التقادير . عندما يكون الإنسان في حال رخاء واطمئنان ، يجب أن يعلم بأن ما هو فيه من نعمة مزجاة هي من الله ، وأنه هو القادر على أن يسلبه إياها كما هو القادر على أن يزيده منها ، وذلك لأنه خالق الكون والإنسان والحياة ، وأنه اللطيف بعباده الرؤوف بهم . ولهذا نجد أن الأنبياء والأوصياء والصالحين يتوجهون إلى ربهم بنفس متسامية مشرقة حتى عندما يكونون في رخاء وبحبوحة عيش ، يدعون ربهم ويتوسلون به ليديم عليهم نعمته ويزيدهم من فضله : * ( وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) * [1] . إن الله تعالى يستجيب لهم وينظر إليهم بعين رحمته في حال رخائهم ، ويسرع إلى نجدتهم ورفع البلاء عنهم في حال المحنة والابتلاء كما يسرعون إلى استدعاء رحمة ربهم ، وقد ورد في الروايات ما يدل على استحباب التقدم بالدعاء في الرخاء قبل نزول البلاء . فعن الإمام أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) أنه كان يقول : ( ما من أحد ابتلي وإن عظمت بلواه أحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء ) [2] .