محيي الدين الإربلي أنه حضر عند أبيه ومعه رجل ، فنعس فوقعت عمامته عن رأسه ، فبدت في رأسه ضربة هائلة فسأله عنها فقال له : هي من صفين ! فقيل له : وكيف ذلك ووقعة صفين قديمة ؟ ! فقال : كنت مسافراً إلى مصر فصاحبني إنسان من غزة ، فلما كنا في بعض الطريق تذاكرنا وقعة صفين ، فقال لي الرجل : لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من علي وأصحابه ! فقلت : لو كنت في أيام صفين لرويت سيفي من معاوية وأصحابه ! وها أنا وأنت من أصحاب علي عليه السلام ومعاوية لعنه الله فاعتركنا عركة عظيمة ، واضطربنا فما أحسست بنفسي إلا مرمياً لما بي ! فبينما أنا كذلك وإذا بإنسان يوقظني بطرف رمحه ، ففتحت عيني فنزل إليَّ ومسح الضربة فتلاءمت ، فقال : إلبَثْ هنا ، ثم غاب قليلاً وعاد ومعه رأس مخاصمي مقطوعاً والدواب معه ، فقال لي : هذا رأس عدوك ، وأنت نصرتنا فنصرناك : وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ . فقلت من أنت ؟ فقال : فلان بن فلان ، يعني صاحب الأمر عليه السلام ، ثم قال لي : وإذا سئلت عن هذه الضربة ، فقل ضربتها في صفين ! ) . ( البحار : 52 / 75 ) والأمر هنا يتصل بمعرفة الإمامة ، فقد ربط الإمام عليه السلام قوله : نصرتنا فنصرناك بقوله تعالى : وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ، لأن نصرة أهل البت عليهم السلام نصرةٌ لله تعالى ، فقد نصر هذا المؤمن الله تعالى ضد الناصبي عدو الله ! والذي نصره على الناصبي ليس الإمام المهدي عليه السلام بل الله تعالى ، مثل قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله : فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . ( سورة الأنفال : 17 ) فلم تكن القدرة في يد الإمام المهدي عليه السلام التي لمست جرحه فشفي من فوره قدرة بشرية ، بل قدرة ربانية جرت على يد الإمام المهدي عليه السلام ، لكن ذلك يحتاج إلى رقي فكري لإدراكه وتعقله .