فهم الفقيه إذا قرأت نصاً لعقد عمل أو إنشاء شركة ، فسوف تفهمه ، أو تفهم منه لكن لو أعطيته إلى خبير قانوني فسيفهمه بشكل أعمق . إن الفرق بين فهم الشخص العادي وفهم الحقوقي المتخصص ، مثلٌ تقريبي نعرف به الفرق بين فهم الفقيه وغير الفقيه . والفقيه بمستوى مراجعنا الكبار ، أدقُّ من الحقوقي الذي قضى عمره في القانون ، لأن منهج الفقهاء في البحث أصح ، وجهدهم أكثر . غيرُ الفقيه يقرأ بالجملة ، والفقيه يقرأ بالمفرد . غيره يقرأ بالطول ، وهو يقرأ في العمق . غيره يقرأ الكلمات والجمل ويفهم منها ، وهو يتأمل في اختيار الكلمة وصيغتها في نفسها ، وتركيبها مع أخواتها ، ونوع الربط والرابط بينهن . غير الفقيه يفهم المعنى الظاهر الذي تدل عليه الألفاظ ، والفقيه يفهم الظاهر ولوازمه وأبعاده ، ويفهم العمق ، وأبعاده وإشاراته . غير الفقيه يتعامل مع اللفظ بسطحية ، والفقيه يتفهم اللفظ واللغة ، ويحترم المتكلم واختياره . غير الفقيه يفهم العقيدة بقطع النظر عن معمارية الشريعة في مفرداتها وقواعدها وأهدافها ، فقد يلائمها ، وقد يخسر الانسجام مع بنائها . . والفقيه يستحضر منظومة الشريعة بكل أحكامها ، فيجئ فهمه للعقيدة غنياً بفهمه للشريعة ، صَرْحَيْن مُتَّسَقَيْن مُتَنَاسِقَيْن . غير الفقيه يكون فهمه عادةً في معرض الإشكال والنقض والرد والبدل ، والفقيه يفهم بعقلية الأصولي الذي عايش لسنين طويلة أبحاث أصول الفقه الدقيقة العميقة ، وقتلها بحثاً وتعمقاً ، وتشقيقاً ، وإشكالاً ورداً ، من أول