قال الحسن بن النوفلي : ( فلما مضى ياسر التفت إلينا ثم قال لي : يا نوفلي أنت عراقي ورقَّة العراقي غير غليظة ، فما عندك في جمع ابن عمك علينا أهل الشرك وأصحاب المقالات ؟ ! فقلت : جعلت فداك يريد الامتحان ويحب أن يعرف ما عندك ؟ ! ) . ومع أن الإمام أعرف من النوفلي والحاضرين في مجلسه بنوايا المأمون وخططه ، لكنه أراد أن يكشفها لهم ، وأن يتم حجة الله تعالى . وقد خاف النوفلي على الإمام عليه السلام من ذلك المجلس ، ليس من علم العلماء بل من شيطنتهم ، لأنهم رؤساء أديان وفرق ومذاهب واتجاهات ، ومن شيطنة المأمون الذي يقف وراءهم ! فالعالم يدلي برأيه لكن إذا ظهر له الحق يقبله ، أما رئيس الفرقة والمذهب فليس عنده استعداد لقبول الحق مهما كان واضحاً ، فهو يدافع عن دينه ومنصبه حتى بإنكار البديهيات ! قال النوفلي : قلت : ( إن أصحاب الكلام والبدعة خلاف العلماء ، وذلك أن العالم لا ينكر غير المنكر ، وأصحاب المقالات والمتكلمون وأهل الشرك أصحاب إنكار ومباهتة ، إن احتججت عليهم بأن الله واحد قالوا صحح وحدانيته ! وإن قلت إن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا أثبت رسالته ! ثم يباهتونه وهو يبطل عليهم بحجته ، ويغالطونه حتى يترك قوله ، فاحذرهم جعلت فداك . قال النوفلي : فتبسم الإمام عليه السلام ثم قال لي : يا نوفلي أفتخاف أن يقطعوا عليَّ حجتي ؟ ! فقلت : لا والله ما خفت عليك قط ، وإني لأرجو أن يظفرك الله بهم إن شاء الله تعالى . فقال لي : يا نوفلي أتحب أن تعلم متى يندم المأمون ؟ قلت : نعم . قال : إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم ، وعلى أهل الإنجيل