هذا هو البرهان ، أما العيان فقد تجسدت الدلالة في علم الإمام الرضا عليه السلام ودعواته المستجابة ومعجزاته الباهرة ! ويكفي في إثبات علمه عليه السلام هذه المناظرة التي هي مؤتمر ، بل مباهلة ، أعدَّ لها المأمون بكل ما أعطي من قدرة ، وكان حاكم أكبر دولة في العالم ، وكانت دولته في أوج قوتها ، فأمر رئيس وزرائه الفضل بن سهل أن يكتب إلى حكام الولايات ويجمع له من أرجاء البلاد علماء الأديان ، والمذاهب ، والفلاسفة ، وأصحاب الاتجاهات الفكرية ، حتى الإلحادية ! إن ما وصلنا عن مؤتمر المأمون ، يدل على أنه كان أعظم مما عرفنا عنه ! فقد جمعوا كبار علماء العالم من بلاد الهند وفارس والروم وبلاد العرب ، وذكرت بعض الروايات أنهم كانوا أربعة آلاف شخص ، جمعهم العفريت المستكبر ليحاجوا الإمام الرضا عليه السلام ، واستضافهم وبذل لهم ، وشجعهم على مناقشته حتى بالكفر والإلحاد ، وربما جعل الجوائز العظيمة لمن يغلب الإمام ! وقد امتدت الجلسة من بكرة الصباح إلى الظهر ، ثم استؤنفت بعد الظهر إلى المغرب ! وعندما أرسل المأمون ياسر الخادم وهو برتبة وزير إلى الإمام عليه السلام قبل يومٍ من المؤتمر يدعوه إلى الحضور غداً ، أجابه الإمام عليه السلام : أبلغه السلام وقل له قد علمتُ ما أردت ، وأنا صائرٌ إليك بكرةً إن شاء الله ! وهو تعبير كافٍ لإفهام المأمون بقبول التحدي ! وقل له قد علمتُ ما أردت ! واطلعت على نيتك وخطتك ، فقد استعملت أقصى شيطنتك ، وجمعت لي شياطين العلم في الأرض ، لكنك لن تستطيع إطفاء نور الله تعالى ، ولا إبطال حجته !