فالفقيه في رأي الإمام الصادق عليه السلام ليس هو فقط الذي تعلم علم أصول الفقه وعرف مبانيه ، من أول مبحث وضع الألفاظ إلى آخر مبحث التعادل والتراجيح ، وتعلم علم الفقه من أول بحث طهارة الماء المطلق إلى آخر أحكام العاقلة . فقوله تعالى : لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ . يدل على أن الإنذار يجب أن يكون بكل الدين ، وأن يكون الفقيه فقيهاً بكل الدين وهذه الحقيقة يجب أن تكون واضحة لكم أنتم الذين تسيرون في طريق الفقاهة ، فالفقيه الذي يكتفي بصفة نصف فقيه ، كمن يترك بناءه على النصف ، لا يمكنه أن يحل المشكلة الدينية للناس ! الفقهاء الذين عينتهم الآية الكريمة : فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ ، لحل المشكلة ، هم طائفة منتخبة من كل فرقة ، وهم ثمرات الناس الذين لهم صلاحية أن يتفقهوا ، ثم ينذروا ! لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّين . . أي دين ؟ إنه ذلك الدين الذي وصى به إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ( سورة البقرة : 132 ) والذي قال عنه الله تعالى : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( سورة آل عمران : 19 ) ، فالتفقه المطلوب هو التفقه في الإسلام ، وصاحبه هو الفقيه المطلوب في الآية الكريمة ، وذلك الفقيه هو الإكسير الأعظم . عندنا مثلاً في الأحكام الفقهية : ملعون من أخر الصلاة حتى تشتبك النجوم ، وعندنا : ملعون من أحب الرئاسة ، فلماذا نعتبر النص الأول حكماً فقهياً ولا نعتبر الثاني حكماً فقهياً ؟ ! فكما نبحث في معنى لعن من أخر الصلاة حتى تشتبك النجوم ، وأنه هل يدل على الحرمة أو الكراهة ، وما هو الموضوع فيه وما هو