غرضي مما أقوله أن أبين لكم أن المسافة بيننا وبين الوصول إلى الأسرار كبيرة ، فقد قرأنا زيارة الجامعة كل عمرنا ، فتأملوا فيها فقرة فقرة . من فقراتها : كلامكم نور وأمركم رشد . فما معناه ؟ معناه أنكم جميعاً تطلبون النور ، وتبحثون عن النور ، لكن هذا النور ليس في شفاء ابن سينا ، ولا في المباحث المشرقية للرازي ، ولا في كلمات أرسطو وأفلاطون وفيثاغورس . . هذا النور في قلب عدة من المستقيمين ، ذوي القلوب المتوقدة من شعاع ( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ ) . ابن سينا في آخر عمره وبعد أن قضى حياته في الفلسفة المشائية ، وولج كل الأبواب بحثاً عن ضائعه ، واصطدم رأسه بالصخور مرات عديدة . . . في آخر عمره فهم أن ضائعه لا يوجد في تلك المداخل وإنما يوجد في القرآن ، فكتب كلمات يفهم منها ذلك ، وكان يقضي نهاره وليله في قراءة القرآن ! أما أنتم فيمكنكم أن تكونوا يقظين من أول أعماركم وتصلوا من الآن إلى القرآن والحديث ، إلى : ( إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ! ) ابن سينا في آخر عمره ، وبسبب قصة لا يتسع المجال لشرحها الآن ، وصل ، لكن بعد فوات الأوان ! لكنه قرر أن يغتنم ما بقي له من أيام ، وأخذ في قراءة القرآن ومطالعته إلى أن توفي ! أما النبي صلى الله عليه وآله فقال : ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً . ) كلامكم نور . . نقرأ هذا اليوم نوراً من أنوارهم صلوات الله عليهم ، في هذه الرواية الشريفة ، فإن لم نصل إلى عمقها وأسرارها ، فإن مجرد قراءتنا لها نور وإن وصلنا إلى شرحها فهو نور على نور . قال علي بن الحسين عليه الصلاة والسلام : ( أوحى الله تعالى إلى موسى : حَبِّبْنِي