وجوب شكر المنعم عقلا وسمعا ، وما سنح لنا من الكلام في دفع شبه القائلين بانحصار وجوبه في السمع ، وبيان فساد معارضتهم خوف العقاب على ترك الشكر بخوف العقاب على فعله [1] . و " الجنن " بضم الجيم وفتح النون : جمع جنة - بالضم - وهي الستر . و " العافية " دفع الله سبحانه عن العبد ما هو شر له ، ويستعمل في الصحة البدنية والنفسية معا ، وقد تقدم الكلام فيها في الحديقة الثالثة والعشرين وهي شرح دعائه عليه السلام في طلب العافية [2] . تبصرة : الضمائر الراجعة إليه سبحانه من أول هذا الدعاء إلى هنا بأجمعها ضمائر غيبة ، ثم إنه عليه السلام عدل عن ذلك الأسلوب وجعلها من هنا إلى آخر الدعاء ضمائر خطاب ، ففي كلامه عليه السلام التفات من الغيبة إلى الخطاب . ولا يخفي أن بعض اللطائف والنكت التي أوردها المفسرون فيما يختص بالالتفات في سورة الفاتحة يمكن جريانه هنا [3] . وأنا قد تفردت - بعون الله وحسن توفيقه - باستنباط نكت لطيفة في ذلك الالتفات ، مما لم يسبقني إليها سابق ، وقد أوردت جملة منها فيما علقته من الحواشي على تفسير البيضاوي [4] ، وشرذمة منها في تفسيري الموسوم بالعروة الوثقى [5] ، وبعض تلك النكت يمكن إجراؤها فيما نحن فيه ، فعليك بمراجعتها ، وملاحظة ما يناسب المقام منها .
[1] و [2] أنظر صحيفة : 150 هامش : 2 . [3] على نحو المثال أنظر : أنوار التنزيل 1 : 31 / الكشاف 1 : 13 / الفخر الرازي 1 : 253 . وما يتعلق من التفاسير في الآية 5 من سورة الفاتحة . [4] المطبوع على الحجر في هامش التفسير أنظر صحيفة : 2 منه . [5] العروة الوثقى : 33 ، ضمن الحبل المتين ، وعد فيه نحوا من 14 نكتة .