أطلقت في الشرع ، فإنما يراد بها : ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا مما لم ينطق به الكتاب العزيز [1] . وبهذا المصطلح يقترن بما جاء في الكتاب من الأحكام - غالبا - فيقال : " جاء في الكتاب والسنة " وبهذا المعنى أيضا يقابل ب - " البدعة " في أكثر الموارد . أقول : وهذا المصطلح ، هو المعنى المستعمل في روايات الأئمة المعصومين عليهم السلام ، وهو الجاري في عرف جميع فقهاء الأمة ، بل حتى القدماء المحدثين ، حيث ميزوا بين السنة وبين الحديث ، فقد نقل عن ابن مهدي قوله : سفيان الثوري إمام في الحديث ، وليس بإمام في السنة ، والأوزاعي إمام في السنة وليس بإمام في الحديث [2] . فسفيان الثوري محدث ، والأوزاعي فقيه . وهذا الأثرم ، أحمد بن هاني ، أبو بكر الإسكافي [ البغدادي ] المحدث ، الفقيه الحنبلي له كتاب السنن في الفقه على مذاهب أحمد وشواهده من الحديث [3] . فقد جعل عنوان كتابه " السنن في الفقه " وجعل الحديث أدلة عليها وهو صارخ في التمييز بين " السنة " في عرفهم بالأحكام الفقهية ، ويدل على أن إطلاق السنة على الحديث أمر متأخر ، ومبتن على المساحمة ، كما سيأتي . ومرادنا من " السنة " في عنوان البحث هو المعنى الفقهي المذكور وهو المعروف عند الأئمة عليهم السلام بل لم نجد استعمالهم اسم السنة إلا بهذا المعنى وقد جاء بذلك في عرف الفقهاء . ونحددها بالدقة بقولنا : " ما ثبت من الدين عن المعصوم عليه السلام ولو استنباطا ،
[1] لسان العرب ( سنن ) . [2] تنوير الحوالك شرح موطأ مالك ( 1 / 3 ) وانظر مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ( 14 / 32 ) . [3] الفهرست للنديم ( ص 285 ) المقالة السادسة ، الفن السادس ، أخبار فقهاء أهل الحديث .