فالجواب عنه : إن الحديث لا دلالة له على حرمة الصلاة نحو القبر إذا أراد المصلي بها وجه الله تعالى ، وإنما يدل على لعن اليهود على اتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد يعبدونها كما يعبدون موسى وعيسى ، أو يجعلونها قبلة نظير بيت المقدس عندهم والكعبة عند المسلمين . كلام ابن عبد الوهاب وابن تيمية في الصلاة إلى القبر ويشهد لذلك ما في منهاج السنة من رواية مالك في الموطأ أنه قال صلى الله عليه وآله وسلم : اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد . فإن الحديث ناطق بحرمة اتخاذ القبر مسجدا يسجد إليه ، ومعلوم أن ذلك شرك لو اعتقده المصلي . ويدل على ذلك أيضا قول عائشة : غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا . قال السندي شارح النسائي : مراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يحذر أمته أن يضعوا بقبره ما صنع اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم ، من اتخاذهم تلك القبور مساجد : إما بالسجود إليها تعظيما ، أو بجعلها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها . وعن النووي في شرح صحيح مسلم : قال العلماء : إنما نهى صلى الله عليه وآله وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغة في تعظيمه والافتتان به ، فربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية ، ولذا قال في الحديث : ولولا ذلك لأبرز قبره غير أنه خشي أن يتخذ مسجدا انتهى .