نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 69
الإسناد إلى الدين ، ولم يكن محرما بالذات شرعا ، كان بدعة حسنة ، أي أمرا جديدا مفيدا للمجتمع ، كما إذا احتفل الشعب بيوم استقلاله في كل عام ، أو اجتمع للبراءة من أعدائه أو أقام الأفراح لمولد بطل من أبطاله ، وبالجملة ما هو حلال بالذات لا مانع من أن تتفق عليه الأمة وتتخذه عادة ومتبعا في المناسبات ويكون بدعة لغوية . نعم ، ما كان محرما بالذات ، فلو اتخذ أمرا مرسوما ورائجا مثل دخول النساء سافرات متبرجات في مجالس الرجال في الاستقبالات والضيافات ، فهذا أمر حرام بالذات أولا ، وليس بمحرم من باب البدعة الشرعية بمعنى التدخل في أمر الدين والتسنين فيه والتشريع على خلاف ما شرعه الشارع ، وإنما هو عمل محرم اتخذ رائجا لا باسم الدين ولا باسم الشريعة وأقصى ما يعتذر بأنه مقتضى الحضارة العصرية مع الاعتراف بكونه مخالفا للشرع ، ولو قيل إنه بدعة قبيحة أو مذمومة ، فإنما هو بحسب معناها اللغوي . وبذلك يظهر أن أكثر من أطنب الكلام في تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة ، فقد خلط البدعة في مصطلح الشرع بالبدعة اللغوية فأسهبوا في الكلام وأتوا بأمثلة كثيرة زاعمين أنها من البدع الشرعية مع أن أمرها يدور بين أمرين : إما أنها عمل ديني يؤتى بها باسم الدين والشريعة ولكن يوجد لها أصل فيهما فتخرج بذلك من تحت البدعة ، كتدوين الكتاب والسنة إذا خيف عليهما التلف من الصدور ، وبناء المدارس والربط وغيرهما ، وقد مثلوا بالتدوين للبدعة الواجبة وببناء المدارس والربط بالبدعة المستحبة ، مع أنهما ليسا ببدعة لوجود أصل صالح لهما في الشريعة . أو أنها عمل عادي لا يؤتى بها باسم الدين بل يؤتى بها لأجل تطوير الحياة وطلب الرفاه ، فتكون خارجا عن موضوع البدعة في الشرع كنخل الدقيق ، فقد ورد
69
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 69